وقوله تعالى : قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب فإنها مع علمها بأن ذلك في مقدور الله تعجب بطبع البشرية قبل الفكر والروية ، كما ولى موسى عليه السلام مدبرا حين صارت عصاه حية حتى قيل له : أقبل ولا تخف إنك من الآمنين وإنما تعجبت ؛ لأن إبراهيم عليه السلام يقال : إنه كان له في ذلك الوقت مائة وعشرون سنة ولسارة تسعون سنة . قوله تعالى : أتعجبين من أمر الله رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت يدل على أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته ؛ لأن الملائكة قد سمت امرأة إبراهيم من أهل بيته ، وكذلك قال الله تعالى في مخاطبة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : [ ص: 379 ] ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا إلى قوله : وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت قد دخل فيه أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن ابتداء الخطاب لهن . وقوله تعالى : فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط يعني : لما ذهب عنه الفزع جادل الملائكة حتى قالوا : إنا أرسلنا إلى قوم لوط لنهلكهم ، فقال : إن فيها لوطا قالوا : نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله يروى ذلك عن وقيل : إنه سألهم فقال : أتهلكونهم إن كان فيها خمسون من المؤمنين ؟ قالوا : لا ، ثم نزلهم إلى عشرة ، فقالوا : لا ، يروى ذلك عن الحسن . ويقال : جادلهم ليعلم بأي شيء استحقوا عذاب الاستئصال وهل ذلك واقع بهم لا محالة أم على سبيل الإخافة ليقبلوا إلى الطاعة . ومن الناس من يحتج بذلك في جواز قتادة ؛ لأن الملائكة أخبرت أنها تهلك قوم تأخير البيان لوط ولم تبين المنجين منهم ، ومع ذلك ، فإن إبراهيم عليه السلام جادلهم وقال لهم : أتهلكونهم وفيهم كذا رجلا فيستدلون بذلك على جواز تأخير البيان ، وهذا ليس بشيء ؛ لأن إبراهيم سألهم عن الوجه الذي به استحقوا عذاب الاستئصال وهل ذلك واقع بهم لا محالة ، أو على سبيل التخويف ليرجعوا إلى الطاعة .