[ ص: 130 ] لرضا المالك به دون غيره لو أعاره دابة ليركبها لمحل كذا ولم يتعرض للركوب في رجوعه جاز له الركوب فيه كما نقلاه وأقراه بخلاف نظيره من [ ص: 129 ] الإجارة ، والفرق بينهما لزوم الرد للمستعير فيتناول الإذن الركوب في عوده عرفا ، ولا كذلك المستأجر فلا رد عليه ، ويؤخذ منه أن ( وله ) أي المستعير ( الانتفاع ) بالمعار ( بحسب الإذن ) كالمستأجر ويحتمل خلافه ، ولو جاوز المحل المشروط لزمه أجرة مثل الذهاب منه والعود إليه ، وله الرجوع منه راكبا كما صححه المستعير الذي لا يلزمه رد السبكي وغيره بناء على أن العارية لا تبطل بالمخالفة وهو ما صححاه ( فإن ) مثلا ( زرعها ) لإذنه فيها ( ومثلها ) أو دونها بالأولى في الضرر [ ص: 130 ] كالفول والشعير لا أعلى منها كذرة وقطن ( إن لم ينهه ) فإن نهاه عن المثل والأدون امتنعا أيضا اتباعا لنهيه وعلم منه ما صرح به . أصله أنه لو عين نوعا ونهى عن غيره اتبع ( أو ) أعاره لزراعة حنطة ( لم يزرع فوقه ) ضررا ( كحنطة ) بل دونه ومثله ، ونكر أعاره أرضا ( لشعير ) يزرعه فيها المصنف الحنطة والشعير وإن عرفهما في المحرر إشارة إلى عدم الفرق في التفصيل المذكور بين أعرتك لزراعة الحنطة أو حنطة ، وترجيح الإسنوي أنه إذا أشار لمعين منهما وأعاره لزراعته لا يجوز الانتقال عنه .
قال : ولهذا عرفهما في المحرر فيه نظر ، والصحيح في الإجارة الجواز فكذا هنا ، وصرح في الشعير بما لا يجوز فقط عكس الحنطة تفننا ولدلالة كل على الآخر ففيه نوع من أنواع البديع المشهورة وحيث زرع ما ليس له زرعه فللمالك قلعه مجانا ، فإن مضت مدة لمثلها أجرة لزمه جميع أجرة المثل على المعتمد كما قاله الأذرعي هو الأوجه والزركشي أنه أرجح ، ويفارق نظيره في الإجارة بأن المستأجر استوفى ما كان يملكه مما لا يقبل الرد بزيادة ، والمستعير لا يملك شيئا ، فهو بعدوله عن الجنس كالراد لما أبيح له فلا يسقط بإزائه عنه شيء ( ولو ) ( صح ) عقد الإعارة ( في الأصح ويزرع ما شاء ) لإطلاق اللفظ ومحله كما قاله ( أطلق ) المعير ( الزراعة ) أي الإذن فيها كأعرتك للزراعة أو لتزرعها الأذرعي وأفتى به الوالد رحمه الله إذا كان مما يعتاد زرعه ثم ولو نادرا حملا للإطلاق على الرضا .
والثاني لا يصح لتفاوت ضرر المزروع ، وإنما لم يكلف الاقتصار على أخف الأنواع ضررا لأن المطلقات إنما لم تنزل على الأقل ضررا لئلا يؤدي إلى النزاع ، والعقود تصان عن ذلك ، قاله البلقيني جوابا عن قولهما لو قيل لا يزرع إلا أقل الأنواع ضررا لكان مذهبا ، ولو قال له : لتزرع ما شئت زرع ما شاء جزما .