الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وعلى الغاصب الرد ) فورا عند التمكن وإن عظمت المؤنة في رده ولو لم يكن متمولا كحبة بر أو كلب يقتنى ، وسواء أكان مثليا أم متقوما ببلد الغصب أم مستنقلا عنه ولو بنفسه أو فعل أجنبي لخبر { على اليد ما أخذت حتى تؤديه } ولو وضع العين [ ص: 151 ] لا بد لها بين يدي المالك مع علمه وتمكنه من أخذها أو في داره وعلم ولو بإخبار ثقة كفى ويبرأ بالرد لمن غصب منه ولو نحو مودع ومستأجر ومرتهن لا ملتقط وفي مستعير ومستام وجهان أوجههما كما اقتضاه كلامهما أنهما كالأول لأنهما مأذون لهما من جهة المالك ، وإن كانا ضامنين ولو أخذ من رقيق شيئا ثم رده إليه فإن كان سيده دفعه إليه كملبوس وآلات يعمل بها بريء ، وكذا لو أخذ الآلة من الأجير وردها إليه لأن المالك رضي به قاله البغوي في فتاويه وقد يجب مع الرد القيمة للحيلولة ، كما لو غصب أمة فحملت بحر لتعذر بيعها ، قاله المحب الطبري . وقد لا يجب الرد ككونه ملكه بالغصب كأن غصب حربي مال حربي ، أو لخوف ضرر كأن غصب خيطا وخاط به جرحا في محترم فلا ينزع منه ما دام حيا إلا إذا لم يخف من نزعه مبيح تيمم أو لتعذر تمييز كأن خلط بالحنطة أخرى أجود منها فإنهما يباعان ويقسم بينهما على نسبة القيمة أو لملك الغاصب لها بفعله فيما يسري للهلاك وغرم بدلها وهي باقية ، وقد لا يجب الرد فورا كأن غصب لوحا وأدرجه في سفينة وكانت في الماء وخيف من نزعه هلاك محترم وكان أخره للإشهاد كما مر آخر الوكالة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ببلد الغصب ) أي سواء كان ببلد إلخ ( قوله : حتى تؤديه ) كذا استدلوا به ، وهو إنما يدل على [ ص: 151 ] وجوب الضمان ، ولعلهم وكلوا ذلك إلى ما هو معلوم مجمع عليه أن الخروج عن المعصية واجب فوري ا هـ حج .

                                                                                                                            وكتب عليه سم قوله وهو إنما يدل إلخ قد يمنع هذا الحصر ، بل قوله حتى تؤديه أي نفس ما أخذته كما هو ظاهر اللفظ قد يدل على وجوب الرد ( قوله : لا بد لها ) خلافا لحج ، ووجه ما قاله الشارح أن بدلها تعويض عنها والعوض لا يملك إلا بالرضا ، ومجرد علمه به ليس رضا ، وسيأتي نظير ذلك في قول الشارح أما إذا غصب حبا ولحما أو عسلا إلخ ( قوله : وعلم ولو بإخبار ثقة ) ظاهره براءة الغاصب بمجرد علم المالك بكونها في داره وإن لم تدخل في يده ولا تمكن من الوصول إليها ، ولو قيل بخلافه لم يكن بعيدا ، ويقيد قوله وعلم بما لو مضت مدة يمكنه الوصول إليها والاستيلاء عليها ( قوله : ولو نحو مودع ) من نحو المودع القصار والصباغ ونحوهما من الأمناء ( قوله : أنهما كالأول ) أي فيبرأ ( قوله : كملبوس ) أي وإن كان غير لائق به ، وقوله رضي به : أي الأجير ( قوله : وقد يجب مع رد القيمة للحيلولة ) وقضية ذلك أن مالك الأمة إذا أخذ القيمة ملكها ملك قرض فيتصرف فيها مع كون الأمة في يده لأن تعذر بيعها عليه نزلها منزلة الخارجة عن ملكه ( قوله فحملت بحر ) أي بشبهة منه أو من غيره ( قوله فإنهما يباعان ) هذا مخالف لما يأتي في قول المصنف ولو خلط المغصوب بغيره وأمكن التمييز لزمه فإن تعذر فالمذهب أنه كالتالف ا هـ . إلا أن يقال : إن خلط في كلامه مبني للمفعول ويحمل على ما إذا لم يكن الخلط بفعل الغاصب ( قوله : وخيف من نزعه هلاك محترم ) ولو لغاصب على المعتمد خلافا لما في البهجة .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وقد يجب مع الرد القيمة للحيلولة كما لو غصب أمة إلخ ) انظر لو ماتت بعد الرد ما الحكم ؟ ويظهر أنها إن ماتت بسبب الحمل كانت مضمونة ، وسيأتي ما يصرح به ، وإن ماتت بغيره استرد القيمة فليراجع . ( قوله : أو لملك الغاصب لها بفعله فيما يسري للهلاك إلخ ) لا يخفى ما في هذه العبارة




                                                                                                                            الخدمات العلمية