( ولو ) ( فتح قفصا عن طائر ) أي طير ، فقد قال جمهور اللغويين إن الطائر مفرد والطير جمعه فاندفع قول من قال إن الأولى طير لا طائر لأنه في القفص لا يطير ( وهيجه فطار ) حالا ( ضمن ) هـ بالإجماع لأن إلجاءه إلى الفرار كإكراه الآدمي ( وإن اقتصر على الفتح فالأظهر أنه إن طار في الحال ) أو كان آخر القفص مفتوحا فمشى عقب الفتح قليلا قليلا حتى طار كما قاله القاضي ، قال أو كان القفص مفتوحا فمشى إنسان على بابه ففزع الطائر وخرج ، أو وثبت هرة عقب الفتح فقتلته وهو مقيد كما قاله السبكي بما إذا علم بحضورها حين الفتح وإلا كانت كريح طرأت بعده ( ضمن ) هـ لإشعاره بتنفيره ، ومحل قولهم تقدم المباشرة على السبب ما لم يكن السبب ملجئا ; والثاني يضمنه مطلقا لأنه لو لم يفتح لم يطر ، والثالث لا يضمن مطلقا لأن له قصدا واختيارا ( وإن وقف ثم طار فلا ) يضمنه لأن طيرانه بعد الوقوف يشعر باختياره ، ويجري ذلك فيما لو حل رباط بهيمة أو فتح الباب فخرجت ، ومثلها قن غير مميز ومجنون لا عاقل ولو آبقا لأنه صحيح الاختيار فخروجه عقب ما ذكر يحال عليه ، وألحق جمع بفتح القفص ما لو كان بيد صبي أو مجنون طائر فأمره إنسان بإطلاقه من يده .
قال الأذرعي : وهذا حيث لا تمييز وإلا ففيه نظر ، إذ عمد المميز عمد ومثل غير المميز من يرى طاعة أمره ، ولو حل رباطا عن علف في وعاء فأكلته في الحال بهيمة ضمن ، ولا ينافيه تصريح الماوردي بأنه لو حل رباط بهيمة فأكلت علفا أو كسرت إناء لم يضمن [ ص: 155 ] سواء اتصل ذلك بالحل أم لا ، لأن انتفاء الضمان في تلك لعدم تصرفه في التالف بل المتلف عكس ما هنا ، ولو خرجت البهيمة عقب فتح الباب ليلا فأتلفت زرعا أو غيره لم يضمنه الفاتح كما جزم به ابن المقري ، وإن جزم في الأنوار بخلافه إذ لا يلزمه حفظ بهيمة غيره عن ذلك ، ولو وقف على جداره طائر فنفره لم يضمنه لأن له منعه من جداره ، وإن رماه في الهواء ولو في هواء داره فقتله ضمنه إذ ليس له منعه من هواء داره ، ولو فتح حرزا فأخذ غيره ما فيه أو دل عليه اللصوص فلا ضمان عليه لعدم ثبوت يده على المال وتسببه بالفتح في الأولى قد انقطع بالمباشرة . نعم لو أخذ غيره بأمره وهو غير مميز أو أعجمي يرى طاعة أمره ضمنه دون الآخذ ، ولو بنى دارا فألقت الريح فيها ثوبا وضاع لم يضمنه لأنه لم يستول عليه .


