لم يؤنثه ليشاكل ما قبله لأن تأنيثه غير حقيقي ( هبته ) بالأولى لأنها أوسع . ( وما جاز بيعه ) من الأعيان ( جاز )
أما المنافع فيصح بيعها بالإجارة .
وفي هبتها وجهان : أحدهما : أنها ليست بتمليك بناء على أن ما وهبت منافعه عارية ، وقضية كلامهما على ما قاله الإسنوي ترجيحه ، وبه جزم الماوردي وغيره ورجحه الزركشي .
ثانيهما : أنها تمليك بناء على أن ما وهبت منافعه أمانة ، ورجحه جمع .
منهم ابن الرفعة والسبكي والبلقيني ، وأفتى به الوالد رحمه الله ، وعليه فلا يلزم إلا بالقبض وهو بالاستيفاء لا بقبض العين ، وفارقت الإجارة بالاحتياج فيها لتقرر الأجرة والتصرف في المنفعة .
لا يقال يلزم على ما تقرر أنها على الوجهين لا تلزم بقبض الدار اتحادهما وأن الخلاف إنما هو في التسمية لا في الحكم وهو اللزوم وعدمه لأنها لا تلزم على كل من الوجهين لأنا نمنع لزوم اتحادهما ، بل للخلاف فوائد : منها أن الدار تكون مضمونة على المتهب على الأول بخلافها على الثاني ، ومن ثم قال البلقيني : فائدة كونها عارية أنها لو انهدمت ضمنها المتهب ، بخلاف ما إذا قلنا بأنها غير عارية ، [ ص: 411 ] ولا تصح هبة ما في الذمة بخلاف بيعه فوهبتك ألف درهم مثلا في ذمتي غير صحيح وإن عينه في المجلس وقبضه ، والمريض يصح بيعه لوارثه بثمن المثل لا هبته بل يكون وصية ، والولي والمكاتب يجوز بيعهما لا هبتهما ، والمرهونة إذا أعتقها معسرا واستولدها يجوز بيعها للضرورة لا هبتها ولو من المرتهن .
والأوجه عدم استثناء شيء من ذلك لأن المانع من الهبة أمر خارجي في العاقد وطرأ في المعقود عليه فلا إيراد ، كما لا يرد أيضا ما لو أعطى لبن شاة مجعولة أضحية أو صوفها لآخر أو ترك له حق التحجر أو أعطاه جلد ميتة قبل الدباغ أو دهنا نجسا للاستصباح به أو تركت إحدى الضرتين نوبتها للأخرى أو أعطى الطعام المغنوم في دار الحرب لمثله ، فإن ذلك ليس فيه هبة تمليك وإنما هو نقل يد أو حق إلى غيره من غير تمليك ، ومن سماها هبة أراد أنه على صورتها ، والثمر ونحوه قبل بدو صلاحه تصح هبته من غير شرط قطع وهبة أرض مع بذر أو زرع لا يفرد بالبيع ، صحيحة في الأرض لانتفاء المبطل للبيع فيهما من الجهل بما يخصهما من الثمن عند التوزيع ، فالقول بأن ذلك وارد على الضابط لجواز هبته دون بيعه مردود .