1263 1264 ص: وقالوا قد يحوز أن يكون يريد بقوله قرأ بالطور: قرأ ببعضها، وذلك جائز في اللغة، يقال: هذا فلان يقرأ القرآن إذا كان يقرأ منه شيئا، ويحتمل "قرأ بالطور" قرأ بكلها، فنظرنا في ذلك هل يروى فيه شيء يدل على أحد التأويلين؟ فإذا صالح بن عبد الرحمن قد حدثانا، قالا: حدثنا وابن أبي داود قال: ثنا سعيد بن منصور، ، عن هشيم ، عن الزهري ، عن أبيه قال: محمد بن جبير بن مطعم المدينة على عهد النبي - عليه السلام - لأكلمه في أسارى بدر، فانتهيت إليه وهو يصلي بأصحابه صلاة المغرب، فسمعته يقول: إن عذاب ربك لواقع فكأنما صدع قلبي، فلما فرغ كلمته فيهم، فقال: شيخ، لو كان أتاني لشفعته فيهم يعني أباه "قدمت مطعم بن عدي".
فهذا قد روى هذا الحديث عن هشيم فبين القصة على وجهها، وأخبر أن الذي سمعه من النبي - عليه السلام - هو قوله -عز وجل-: الزهري، إن عذاب ربك لواقع فبين هذا أن قوله في الحديث الأول: "قرأ بالطور" إنما هو ما سمعه يقرأه منها، وليس لفظ إلا ما روى جبير هشيم; لأنه ساق القصة على وجهها، فصار ما حكى فيها عن النبي - عليه السلام - هو قراءته إن عذاب ربك لواقع خاصة.
وأما حديث -رحمه الله-: فمختصر من هذا وكذلك حديث مالك في قوله زيد بن ثابت لمروان: يجوز أن يكون ذلك على قراءته ببعضها. "لقد سمعت رسول الله - عليه السلام - يقرأ فيها بأطول الطول: المص".
[ ص: 59 ]