الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1417 ص: فكان من الحجة عليهم في ذلك أنهم قد جعلوا قول النبي - عليه السلام -: "أما الركوع فعظموا فيه الرب" ناسخا لما قد تقدم من أفعاله قبل ذلك في الأحاديث الأول، فيحتمل أن يكون أمره بالتعظيم في الركوع لما نزلت عليه فسبح باسم ربك العظيم وأباح الدعاء في السجود بما أحبوا قبل أن تنزل عليهم: سبح اسم ربك الأعلى فلما نزل عليه ذلك أمرهم بأن ينتهوا إليه في سجودهم -على ما في حديث عقبة- ولا يزيدون عليه، فصار ذلك ناسخا لما قد تقدم منه قبل ذلك، كما كان الذي أمرهم به في الركوع عند نزول فسبح باسم ربك العظيم ناسخا لما كان منه قبل ذلك.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي فكان من الحجة على الآخرين الذين قالوا: "لا يزاد في الركوع على تعظيم الرب ... " إلى آخره، وأراد بهذا: الجواب عما قالوا والرد عليهم.

                                                بيانه: أن هؤلاء قد جعلوا قوله - عليه السلام -: "أما الركوع فعظموا فيه الرب" ناسخا لما كان النبي - عليه السلام - يفعله قبل ذلك مما ذكر في الأحاديث التي مضى ذكرها في أول الباب، وذلك نحو قوله: "اللهم لك ركعت وبك آمنت ... " إلى آخره، هذا وجه استدلالهم فيما ذهبوا إليه، ومنع ذلك الطحاوي وبين وجهه حيث قال: "فيحتمل أن يكون أمره بالتعظيم في الركوع ... " إلى آخره بيانه: أن أمره - عليه السلام - بالتعظيم في الركوع بقوله: "أما الركوع فعظموا فيه الرب" يحتمل أن يكون حين نزلت عليه [ ص: 272 ] فسبح باسم ربك العظيم فيكون القائل في ركوعه: سبحان ربي العظيم معظما لربه في ركوعه، وكان الدعاء في السجود مباحا لهم بأي شيء دعوا وبأي دعاء شاءوا قبل نزول قوله تعالى: سبح اسم ربك الأعلى بمقتضى ما ورد عنه - عليه السلام - في ذلك، فلما نزل عليه - صلى الله عليه وسلم - قوله: سبح اسم ربك الأعلى أمرهم بأن يقولوا ذلك في سجودهم، ويقتصرون عليه ولا يزيدون شيئا; لما في حديث عقبة بن عامر الجهني، فيصير هذا ناسخا لما كان منه قبل ذلك مما كان يقوله ويدعو به في سجوده، كما كان الذي أمرهم به في الركوع عند نزول قوله فسبح باسم ربك العظيم ناسخا لما كان منه قبل ذلك، وجه النسخ في هذا قد بيناه عن قريب.




                                                الخدمات العلمية