مسألة
اختلف أصحابنا - كما قاله - في الأستاذ أبو منصور كالزنى الموجب للرجم بشرط وجود الإحصان ، وتكميل جلد الزنى مائة بشرط وجود الحرية . فقال أكثرهم : يكون مجموع تلك الأوصاف علة للحكم ، لسقوطه عند عدم بعضها كما يسقط عند عدم جميعها . وقال بعضهم : العلة هي الوصف الجالب للحكم دون السبب المتقدم عليه . وعلى هذا فعلة الرجم وتكميل الحد وجود الزنى دون الحرية والإحصان ، وبه قال أكثر أهل الرأي . وكذلك قالوا في أربعة شهدوا على رجل بالزنى وشهد عليه اثنان بالحرية أو بالإحصان ، ووقع الحكم بشهادتهم ، ثم رجع الكل عن شهادتهم إن الضمان على شهود الزنى دون شهود الإحصان ، وقالوا في شاهدين شهدا على رجل أنه أعتق عبده أمس ، فقضى القاضي عليه بعتقه ، وشهد آخران بأن ذلك العبد كان قد جنى أول أمس ، وأن الولي علم بالجناية ، فألزمه القاضي الدية وجعله مختارا للفداء ، ثم رجع الشهود كلهم ، إن ضمان الدية على شهود الجناية وضمان القيمة على شهود العتق ، لأن القاضي ألزمه الدية بشهادتهم وإن لم تكن الجناية موجبة للدية أكثر بعد الحرية . واختلف أصحابنا في ذلك فقال العلة الموجبة للحكم إذا احتاجت إلى تقديم أسباب عليها ، ولم يكن لتلك الأسباب تأثير في الحكم أبو حفص بن الوكيل : إذا شهد عليه أربعة بالزنى وشاهدان بالإحصان فرجم ، ثم رجع [ ص: 218 ] واحد منهم عن الشهادة عليه سدس الدية ، وهذا يدل على أنه كان يجعل مجموع الإحصان والزنى علة للرجم ولذلك قال : إن رجع شهود الإحصان فعليهم ثلث الدية ، أو شهود الزنى فثلثاها ، وهذا إذا كان شهود الزنى غير شاهدي الإحصان فإن كانا من شهود الزنى فعليهما برجوعهما عن شهادة الإحصان ثلث الدية ، وبرجوعهما عن شهادة الزنى ثلثا الدية وإن شهد الأربعة على الإحصان والزنى فالحكم واضح . وقال بعض أصحابنا : هذا إذا كان شهود الإحصان غير شهود الزنى ، فإن كان منهم فالدية بينهم بالسوية . وقيل : إن رجعوا كلهم فعلى هؤلاء نصف الدية ، وعلى الآخرين النصف ، وعلى هذا قول من رأى أن الأوصاف علة للحكم . قلت : والراجح في المذهب أن شهود الإحصان لا يغرمون ( قال ) : وأما مذهب في شهود العتق وشهود الجناية في العبد فإذا رجعوا كلهم فالصحيح من مذهبه أن ضمان الجناية على شهود الجناية ، وضمان القيمة على شهود العتق ، وأبطل الشافعي العتق . أبو ثور