الثاني : ، لوجود معنى آخر مستقل بالغرض . كقولنا في بيع الغائب : مبيع غير مرئي فلا يصح ، كالطير في الهواء . فنقول : لا أثر لكونه غير مرئي ، فإن العجز عن التسليم كاف ، لأن بيع الطير لا يصح إن كان مرئيا . وحاصله معارضة في الأصل ، لأن المعترض يلغي من العلة وصفا ثم يعارض المستدل بما بقي . قال عدم التأثير في الأصل بكونه مستغنى عنه في الأصل إمام الحرمين : والذي صار إليه المحققون فساد العلة لما ذكرناه ، وقيل : بل يصح ، لأن ذلك القيد له أثر في الجملة وإن كان مستغنى عنه ، كالشاهد الثالث بعد شهادة عدلين . وهو مردود لأن ذلك القيد ليس محله ولا وصفا له فذكره لغو ، بخلاف الشاهد الثالث ، فإنه يتهيأ لأن يصير عند ذلك أحد الشاهدين ركنا . ( قال ) : وأما الوصف الذي لا أثر له [ ص: 359 ] إما أن يذكر لدفع نقض ما لولاه لورد أولا . فإن لم يكن لدفع النقض فهو هدر ، وإلا فالطاردون جوزوا ذكره لدفع النقض . وغيرهم اختلفوا فيه . والمختار أنه إذا كان النقض من مسائل الاستثناء فذكر هذا الوصف في الدليل للتنبيه على محل الاستثناء لا تأثير فيه ، وإلا فلا .
وجعل في منهاجه " كون عدم التأثير من القوادح مبنيا على منع تعليل الحكم الواحد بالشخص بعلتين . فإن جوزنا وهو المختار ، لم يقدح . وسبقه إلى البناء البيضاوي إمام الحرمين . وقال : كل ما فرض جعله وصفا في العلة من طردي إن كان المستدل معترفا به ، فقيل : مردود والمختار أنه يكون غير مردود ، لجواز أن يكون فيه غرض صحيح لدفع النقض الصحيح إلى النقض المكسور ، وهذا صعب بخلاف الأول فإنه معترف بأنه غير مؤثر . ابن الحاجب