الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3226 [ ص: 320 ] باب الجبار الذي لا دية له

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب : جرح العجماء والمعدن والبئر جبار. أي : هدر ) .

                                                                                                                              وهو في المنتقى : (في كتاب الزكاة في باب : ما جاء في الركاز والمعدن ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 226 ج 11 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: " العجماء جرحها جبار. والبئر جبار. والمعدن جبار. وفي الركاز الخمس ".]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة رضي الله عنه ، (عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ أنه قال : البئر جرحها جبار ) . " الجبار " بضم الجيم وتخفيف الباء : " الهدر ".

                                                                                                                              ومعناه : أن الرجل يحفرها في ملكه ، أو في موات : فيقع فيها إنسان أو غيره ، ويتلف : فلا ضمان. وكذا لو استأجره لحفرها ، فوقعت عليه فمات : فلا ضمان.

                                                                                                                              [ ص: 321 ] قال النووي : فأما إذا حفر البئر في طريق المسلمين ، أو في ملك غيره بغير إذنه ، فتلف فيها إنسان : فيجب ضمانه على عاقلة حافرها. والكفارة في مال الحافر وإن تلف بها غير الآدمي : وجب ضمانه في مال الحافر. انتهى.

                                                                                                                              (والمعدن جرحه جبار ) .

                                                                                                                              معناه : أن الرجل يحفر معدنا في ملكه ، أو في موات ، فيمر بها مار ، فيسقط فيها فيموت ، أو يستأجر أجراء يعملون فيها ، فيقع عليهم فيموتون : فلا ضمان في ذلك.

                                                                                                                              (والعجماء جرحها جبار ) بالمد. هي كل حيوان سوى الآدمي.

                                                                                                                              وسميت البهيمة " عجما " : لأنها لا تتكلم.

                                                                                                                              وهذا محمول على ما إذا أتلفت شيئا بالنهار ، أو أتلفت بالليل بغير تفريط من مالكها ، أو أتلفت شيئا وليس معها أحد : فهذا غير مضمون. وهو مراد الحديث.

                                                                                                                              قال النووي : فأما إذا كان معها سائق ، أو قائد ، أو راكب : فأتلفت بيدها أو برجلها ، أو فمها ، أو نحوه : وجب ضمانه في مال الذي هو معها. سواء كان مالكها ، أو مستأجرا ، أو مستعيرا ، أو غاصبا ، أو مودعا ، أو وكيلا ، أو غيره. إلا أن تتلف آدميا ، فتجب ديته على عاقلة الذي معها ، والكفارة في ماله.

                                                                                                                              [ ص: 322 ] والمراد بجرح العجماء : إتلافها . سواء كان بجرح أو غيره.

                                                                                                                              قال عياض : أجمع العلماء ، على أن جناية البهائم بالنهار ، لا ضمان فيها. إذا لم يكن معها أحد. فإن كان معها أحد ) : فجمهورهم على ضمان ما أتلفته.

                                                                                                                              وقال داود ، وأهل الظاهر : لا ضمان بكل حال ، إلا أن يحملها الذي هو معها على ذلك. أو يقصده.

                                                                                                                              قلت : وظاهر السنة مع أهل الظاهر ، وهو الراجح.

                                                                                                                              وقال مالك وأصحابه : يضمن مالكها ما أتلفت. وكذا قال أصحاب الشافعي : يضمن إذا كانت معروفة بالإفساد. لأن عليه ربطها والحالة هذه.

                                                                                                                              (وفي الركاز الخمس ) .

                                                                                                                              فيه : تصريح بوجوب الخمس فيه. وهو زكاة عند الشافعية.

                                                                                                                              " والركاز " : هو دفين الجاهلية. وهذا مذهب الشافعي وأصحابه. ومذهب أهل الحجاز ومالك ، وجمهور العلماء.

                                                                                                                              وقال أبو حنيفة وغيره من أهل العراق : هو " المعدن ". وهما عندهم : لفظان مترادفان.

                                                                                                                              [ ص: 323 ] قال النووي : هذا الحديث يرد عليهم. لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرق بينهما ، وعطف أحدهما على الآخر. قال : وأصل الركاز في اللغة : "الثبوت " والله أعلم. انتهى.

                                                                                                                              قلت : هو بكسر الراء ، من ركزه يركزه : إذا دفعه. فهو مركوز. وهذا متفق عليه.

                                                                                                                              وخصه الشافعي : بالذهب ، والفضة.

                                                                                                                              وقال الجمهور : لا يختص. واختاره ابن المنذر. والمسألة مبسوطة في محلها. وليس هذا موضع بسطها.




                                                                                                                              الخدمات العلمية