إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى [طه : 40] .
[40] إذ تمشي أختك ظرف (لتصنع ) ؛ لأن أخته مريم خرجت متعرفة خبره ، فجاءتهم ، وكان لا يقبل ثدي مرضعة فتقول أي : فقالت : هل أدلكم على من يكفله أي : امرأة تحضنه وترضعه ويقبل ثديها ؟ قالوا : نعم ، من هي ؟ قالت : أمي ، قالوا : لها لبن ؟ قالت : نعم لبن أخي هارون ، وكان هارون أكبر من موسى بثلاث سنين ، فجاءت بالابن ، فقبل ثديها .
فذلك قوله تعالى : فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها بلقائك ولا تحزن ليزول حزنها وقتلت نفسا هو القبطي ، فاغتممت خوفا من الله تعالى [ ص: 295 ] فنجيناك من الغم بأن غفر لك ، وأنجيت من فرعون .
وفتناك فتونا مصدر ؛ أي : اختبرناك اختبارا بإيقاعك في المحن ، وتخليصك منها فلبثت سنين في أهل مدين عند شعيب ، قال وهب : لبث عنده ثمانيا وعشرين سنة : عشر مهر ابنته ، وأقام عنده ثماني عشرة سنة حتى ولد له . وتقدم اختلاف القراء في الإدغام والإظهار من (لبثت ) في سورة الكهف [الآية : 19] ، ومدين : بين مصر ومكة ، مسافتها عن مصر نحو اثني عشر يوما ، وهي منزلة للحجاج ، تعرف في هذه الأزمنة بمغارة شعيب ، تقدم ذكرها في سورة الأعراف .
ثم جئت على قدر موعد مقدر في علمي يا موسى أنك تجيء ، وأستنبئك فيه ، وكان مجيؤه على رأس أربعين سنة ، وهو القدر الذي يوحى فيه إلى الأنبياء .
* * *