ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار .
[43] ألم تر أن الله يزجي أي : يسوق سحابا أي : غيما ؛ لانسحابه في الهواء . [ ص: 547 ]
ثم يؤلف بينه بين أجزاء الغيم ، فيجعله شيئا واحدا بعد أن كان قطعا .
قرأ ، أبو جعفر عن وورش : (يولف ) بفتح الواو من غير همز . نافع
ثم يجعله ركاما متراكما بعضه فوق بعض .
فترى الودق المطر يخرج من خلاله فتوقه ، جمع خلل .
وينزل من السماء من جبال فيها من برد معناه : ينزل من جبال في السماء ، تلك الجبال من برد .
قال : "أخبر الله تعالى أن في السماء جبالا من برد" ، ومفعول الإنزال محذوف تقديره : وينزل من السماء من جبال فيها بردا ، فاستغنى عن ذكر المفعول ؛ للدلالة عليه . ابن عباس
قال أهل النحو : ذكر الله تعالى (من ) ثلاث مرات في هذه الآية ، فقوله : (من السماء ) لابتداء الغاية ؛ لأن ابتداء الإنزال من السماء ، وقوله : (من جبال ) للتبعيض ؛ لأن ما ينزله الله بعض تلك الجبال ، وقوله : (من برد ) للتجنيس ؛ لأن تلك الجبال جنس البرد .
فيصيب به أي : بالبرد من يشاء فيهلك زرعه وأمواله .
ويصرفه عن من يشاء فلا يضره . [ ص: 548 ]
يكاد سنا أي : ضوء برقه يذهب بالأبصار يختطفها من شدة ضوئه . قرأ : (يذهب ) بضم الياء وكسر الهاء ، فقيل : إن باء (بالأبصار ) تكون زائدة ؛ كما هي في : أبو جعفر ولا تلقوا بأيديكم [البقرة : 195] ، قال ابن الجزري : والظاهر أن تكون بمعنى (من ) ؛ كما جاءت في قول الشاعر :
شرب النزيف ببرد ماء الحشرج
أي : من برد ، ويكون المفعول محذوفا ؛ أي : يذهب النور من الأبصار ، وقرأ الباقون : بفتح الياء والهاء ، يدغم الدال من (يكاد ) في السين من (سنا برقه ) . وأبو عمرو
* * *