أَوْرَدَهَا سَعْدٌ وَسَعْدٌ مُشْتَمِلٌ مَا هَكَذَا يَا سَعْدُ تُورَدُ الْإِبِلُ
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: فَرْضُ كِفَايَةٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ السَّيِّدُ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ رَدَّهُ ابْنُ الْقَيِّمِ فَقَالَ: لَا فَرْضَ إِلَّا مَا فَرَضَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَيَا سُبْحَانَ اللَّهِ هَلْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَكُونَ مَنْطِقِيًّا، فَإِنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ كَفَرْضِ الْعَيْنِ فِي تَعَلُّقِهِ بِعُمُومِ الْمُكَلَّفِينَ وَإِنَّمَا يُخَالِفُهُ فِي سُقُوطٍ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، وَالْمَنْطِقُ لَوْ كَانَ عِلْمًا صَحِيحًا كَانَ غَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ الْمِسَاحَةَ وَالْهَنْدَسَةَ وَنَحْوَهَا، فَكَيْفَ وَبَاطِلُهُ إِضْعَافُ حَقِّهِ وَفَاسِدُهُ وَتَنَاقُضُ أُصُولِهِ وَاخْتِلَافُ مَبَانِيهِ يُوجِبُ مُرَاعَاتَهَا لِلذِّهْنِ أَنْ يَزِيغَ فِي فِكْرِهِ، وَلَا يُؤْمِنَ بِهَذَا إِلَّا مَنْ قَدْ عَرَفَهُ وَعَرَفَ فَسَادَهُ وَتَنَاقُضَهُ اهـ .وَاعْجَبًا لِمَنْطِقِ الْيُونَانِ كَمْ فِيهِ مِنْ إِفْكٍ وَمِنْ بُهْتَانِ
مُخَبِّطٌ لِجَيِّدِ الْأَذْهَانِ وَمُفْسِدٌ لِفِطْرَةِ الْإِنْسَانِ
وَمُبْكِمٌ لِلْقَلْبِ وَاللِّسَانِ مُضْطَرِبَ الْأُصُولِ وَالْمَبَانِي
عَلَى شَفَا هَارٍ بَنَاهُ الْبَانِي أَحْوَجُ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْعَانِي
يَخُونُهُ فِي السِّرِّ وَالْإِعْلَانِ يَمْشِي بِهِ اللِّسَانُ فِي الْمَيْدَانِ
مَشْيَ مُقَيَّدٍ عَلَى صَفْوَانِ مُتَّصِلَ الْعِشَارِ وَالتَّوَانِي
كَأَنَّهُ السَّرَابُ مِنْ قِيعَانِ بَدَا لِعَيْنِ الظَّامِئِ الْحَيْرَانِ
فَأَمَّهُ بِالظَّنِّ وَالْحُسْبَانِ يَرْجُو شِفَاءَ عِلَّةِ الظَّمْآنِ
فَلَمْ يَجِدْ ثَمَّ سِوَى الْحِرْمَانِ فَعَادَ بِالْخَيْبَةِ وَالْخُسْرَانِ
يَقْرَعُ سِنَّ نَادِمٍ حَيْرَانِ قَدْ ضَاعَ مِنْهُ الْعُمْرُ فِي أَمَانِي
وَخَائِنُ الْخِفَّةِ فِي مِيزَانِ
لَا يَعْرِفُ الشَّوْقَ إِلَّا مَنْ يُكَابِدُهُ وَلَا الصَّبَابَةَ إِلَّا مَنْ يُعَانِيهَا
فَاللَّائِقُ بِابْنِ الصَّلَاحِ وَأَمْثَالِهِ أَنْ يَشْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ، وَمَا قَيَّضَ لَهُ nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيَّ وَأَمْثَالَهُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوهُ حَتَّى حَفِظُوا لَهُ مَا يَتَعَبَّدُ بِهِ وَمَا يَشْتَغِلُ بِهِ. اهـ .مَا ضَرَّ شَمْسَ الضُّحَى فِي الْأُفُقِ طَالِعَةً أَنْ لَا يَرَى ضَوْءَهَا مَنْ لَيْسَ ذَا بَصَرِ
قَدْ تُنْكِرُ الْعَيْنُ ضَوْءَ الشَّمْسِ مِنْ رَمَدٍ وَيُنْكِرُ الْفَمُ طَعْمَ الْمَاءِ مِنْ سَقَمِ
فَإِذَا كُنْتَ بِالْمَدَارِكِ غِرًّا ثُمَّ أَبْصَرْتَ حَاذِقًا لَا تُمَارِي
[ ص: 178 ] وَإِذَا لَمْ تَرَ الْهِلَالَ فَسَلِّمْ لِأُنَاسٍ رَأَوْهُ بِالْأَبْصَارِ
وَرُبَّ كَلَامٍ طَارَ فَوْقَ مَسَامِعِي كَمَا طَارَ فِي لَوْحِ الْهَوَاءِ ذُبَابُ
سَمِعْتُ بِأَمْرٍ مَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ وَكُلُّ حَدِيثٍ حُكْمُهُ حُكْمِ أَصْلِهِ
أَيُمْكِنُ أَنَّ الْمَرْءَ فِي الْعِلْمِ حُجَّةٌ وَيَنْهَى عَنِ الْفُرْقَانِ فِي بَعْضِ قَوْلِهِ
هَلِ الْمَنْطِقُ الْمَعْنِيُّ إِلَّا عِبَارَةٌ عَنِ الْحَقِّ أَوْ تَحْقِيقِهِ حِينَ جَهْلِهِ
مَعَانِيهِ فِي كُلِّ الْكَلَامِ فَهَلْ تَرَى دَلِيلًا صَحِيحًا لَا يَرُدُّ لِشَكْلِهِ
أَوْ هَلْ هَدَاكَ اللَّهُ مِنْهُ قَضِيَّةٌ عَنْ غَيْرِهِ هَذَا تَنْفِهَا عَنْ مَحَلِّهِ
وَدَعْ عَنْكَ أَبْدَاهُ كَفُورٌ وَذَمَّهُ رِجَالٌ وَإِنْ أَثْبَتَ حُجَّةَ نَقْلِهِ
خُذِ الْعِلْمَ حَتَّى مِنْ كُفُورٍ وَلَا تُقِمْ دَلِيلًا عَلَى شَخْصٍ بِمَذْهَبِ مِثْلِهِ
عَرَفْنَاهُمْ بِالْحَقِّ لَا الْعَكْسِ فَاسْتَبِنْ بِهِ لَا بِهِمْ إِذْ هُمْ هُدَاةٌ لِأَجْلِهِ
لَئِنْ صَحَّ عَنْهُمْ مَا ذَكَرْتَ فَكَمْ هُمْ وَكَمْ عَالِمٍ بِالشَّرْعِ بَاحَ بِفَضْلِهِ
مَتَى تَعَصَّبْتَ بِالْبَاطِلِ الْحَقُّ يَأْبَهُ وَإِنْ قُدْتَ بِالْحَقِّ الرَّوَاسِيَ تَنْقَدِ إِذَا مَا أَتَيْتَ لِلْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ بَابِهِ
ضَلَلْتَ وَإِنْ تَقْصِدْ إِلَى الْبَابِ تَهْتَدِي
وَدَعْ عَنْكَ مَا أَبْدَاهُ كَفُورٌ وَذَمَّهُ،
ثُمَّ قَوْلُهُ: خُذِ الْعِلْمَ حَتَّى مِنْ كُفُورٍ، مِمَّا تَمُجُّهُ الطِّبَاعُ وَتَنْفِرُ عَنْهُ الْأَسْمَاعُ، وَكَذَا قَوْلُهُ: لَئِنْ صَحَّ عَنْهُمْ مَا ذَكَرْتُ، وَقَوْلُ الْيُوسِيِّ: إِنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى عَدَمِ تَسْلِيمِ صِحَّةِ مَا نَقَلَهُ عَجِيبٌ، وَهَلْ يُجّوِّزُ الْعَقْلُ أَنْ يَتَلَقَّى كَلَامَ الْحُكَمَاءِ وَمَدْحَهُمْ فِيهِ وَمَنْ تَمَذْهَبَ بِمَذْهَبِهِمْ وَلَا يُسَلِّمُ نَقْلَ حُفَاظِ الْإِسْلَامِ وَنَقَلَةِ الْعِلْمِ وَحَمَاةِ الدِّينِ، وَيَطْرَحُ كَلَامَهُمْ رَأْسًا بِمَرَّةٍ، فَتَأَمَّلْ فِي هَذَا الْمَقَامِ غَايَةَ التَّأَمُّلِ مَعَ الْإِنْصَافِ وَدَعِ الْإِعْسَافَ .أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل
ومنهم من قال: فرض كفاية وإليه أشار السيد الجرجاني وغيره، وقد رده ابن القيم فقال: لا فرض إلا ما فرضه الله ورسوله، فيا سبحان الله هل فرض الله على كل مسلم أن يكون منطقيا، فإن فرض الكفاية كفرض العين في تعلقه بعموم المكلفين وإنما يخالفه في سقوط بفعل البعض، والمنطق لو كان علما صحيحا كان غايته أن يكون المساحة والهندسة ونحوها، فكيف وباطله إضعاف حقه وفاسده وتناقض أصوله واختلاف مبانيه يوجب مراعاتها للذهن أن يزيغ في فكره، ولا يؤمن بهذا إلا من قد عرفه وعرف فساده وتناقضه اهـ .واعجبا لمنطق اليونان كم فيه من إفك ومن بهتان
مخبط لجيد الأذهان ومفسد لفطرة الإنسان
ومبكم للقلب واللسان مضطرب الأصول والمباني
على شفا هار بناه الباني أحوج ما كان عليه العاني
يخونه في السر والإعلان يمشي به اللسان في الميدان
مشي مقيد على صفوان متصل العشار والتواني
كأنه السراب من قيعان بدا لعين الظامئ الحيران
فأمه بالظن والحسبان يرجو شفاء علة الظمآن
فلم يجد ثم سوى الحرمان فعاد بالخيبة والخسران
يقرع سن نادم حيران قد ضاع منه العمر في أماني
وخائن الخفة في ميزان
لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها
فاللائق بابن الصلاح وأمثاله أن يشكر الله تعالى على ما أنعم به عليه من الخير، وما قيض له nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي وأمثاله الذين تقدموه حتى حفظوا له ما يتعبد به وما يشتغل به. اهـ .ما ضر شمس الضحى في الأفق طالعة أن لا يرى ضوءها من ليس ذا بصر
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم
فإذا كنت بالمدارك غرا ثم أبصرت حاذقا لا تماري
[ ص: 178 ] وإذا لم تر الهلال فسلم لأناس رأوه بالأبصار
ورب كلام طار فوق مسامعي كما طار في لوح الهواء ذباب
سمعت بأمر ما سمعت بمثله وكل حديث حكمه حكم أصله
أيمكن أن المرء في العلم حجة وينهى عن الفرقان في بعض قوله
هل المنطق المعني إلا عبارة عن الحق أو تحقيقه حين جهله
معانيه في كل الكلام فهل ترى دليلا صحيحا لا يرد لشكله
أو هل هداك الله منه قضية عن غيره هذا تنفها عن محله
ودع عنك أبداه كفور وذمه رجال وإن أثبت حجة نقله
خذ العلم حتى من كفور ولا تقم دليلا على شخص بمذهب مثله
عرفناهم بالحق لا العكس فاستبن به لا بهم إذ هم هداة لأجله
لئن صح عنهم ما ذكرت فكم هم وكم عالم بالشرع باح بفضله
متى تعصبت بالباطل الحق يأبه وإن قدت بالحق الرواسي تنقد إذا ما أتيت للأمر من غير بابه
ضللت وإن تقصد إلى الباب تهتدي
ودع عنك ما أبداه كفور وذمه،
ثم قوله: خذ العلم حتى من كفور، مما تمجه الطباع وتنفر عنه الأسماع، وكذا قوله: لئن صح عنهم ما ذكرت، وقول اليوسي: إنه إشارة إلى عدم تسليم صحة ما نقله عجيب، وهل يجوز العقل أن يتلقى كلام الحكماء ومدحهم فيه ومن تمذهب بمذهبهم ولا يسلم نقل حفاظ الإسلام ونقلة العلم وحماة الدين، ويطرح كلامهم رأسا بمرة، فتأمل في هذا المقام غاية التأمل مع الإنصاف ودع الإعساف .