وقال الشافعي رحمه الله تعالى : وفي أي ثواب ترغب ؟ ومن أي عقاب ترهب ؟ وأي عافية تشكر ؟ وأي بلاء تذكر ؟ فإنك إذا تفكرت في واحد من هذه الخصال صغر في عينك عملك فانظر كيف ذكر حقيقة الرياء وعلاج العجب وهما من كبار آفات القلب وقال إذا أنت خفت على عملك العجب فانظر رضا من تطلب ؟ من لم يصن نفسه لم ينفعه علمه ، وقال رحمه الله من أطاع الله تعالى بالعلم نفعه سره . الشافعي رضي الله عنه
وقال ما من أحد إلا له محب ومبغض فإذا كان كذلك فكن مع أهل طاعة الله عز وجل وروي أن عبد القاهر بن عبد العزيز كان رجلا صالحا ورعا وكان يسأل عن مسائل في الورع الشافعي رضي الله عنه والشافعي رحمه الله يقبل عليه لورعه وقال للشافعي يوما أيما أفضل الصبر أو المحنة أو التمكين ؟ فقال التمكين درجة الأنبياء ولا يكون التمكين إلا بعد المحنة فإذا امتحن صبر وإذا صبر مكن ألا ترى إن الله عز وجل امتحن الشافعي رحمه الله : إبراهيم عليه السلام ثم مكنه وامتحن موسى عليه السلام ثم مكنه ، وامتحن أيوب عليه السلام ثم مكنه ، وامتحن سليمان عليه السلام ثم مكنه وآتاه ملكا والتمكين أفضل الدرجات قال الله عز وجل : وكذلك مكنا ليوسف في الأرض وأيوب عليه السلام بعد المحنة العظيمة مكن ، قال الله تعالى : وآتيناه أهله ومثلهم معهم الآية فهذا الكلام من يدل على تبحره في أسرار القرآن واطلاعه على مقامات السائرين إلى الله تعالى من الأنبياء والأولياء ، وكل ذلك من علوم الآخرة . الشافعي رحمه الله
وقيل متى يكون الرجل عالما قال إذا تحقق في علم الدين فعلمه وتعرض لسائر العلوم فنظر فيما فاته فعند ذلك يكون عالما فإنه قيل للشافعي رحمه الله : لجالينوس إنك تأمر للداء الواحد بالأدوية الكثيرة المجمعة فقال : إنما المقصود منها واحد وإنما يجعل معه غيره لتسكن حدته لأن الإفراد قاتل فهذا وأمثاله مما لا يحصى يدل على علو رتبته في معرفة الله تعالى وعلوم الآخرة .
وأما إرادته بالفقه والمناظرة فيه وجه الله تعالى فيدل عليه ما روي عنه قال وددت أن الناس انتفعوا بهذا العلم وما نسب إلى شيء منه فانظر كيف اطلع على آفة العلم وطلب الاسم له ؟ وكيف كان منزه القلب عن الالتفات إليه مجرد النية فيه لوجه الله تعالى .
؟ وقال ما ناظرت أحدا قط فأحببت أن يخطئ . الشافعي رضي الله عنه :
وقال ما كلمت أحدا قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان ويكون عليه رعاية من الله تعالى وحفظ وما كلمت أحدا قط وأنا أبالي أن يبين الله الحق على لساني أو على لسانه وقال ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلها مني إلا هبته واعتقدت محبته ولا كابرني أحد على الحق ودافع الحجة إلا سقط من عيني ورفضته فهذه العلامات هي التي تدل على إرادة الله تعالى بالفقه والمناظرة فانظر كيف تابعه الناس من جملة هذه الخصال الخمس على خصلة واحدة فقط ثم كيف خالفوه فيها أيضا ولهذا قال أبو ثور رحمه الله ما رأيت ولا رأى الراءون مثل
الشافعي رحمه الله تعالى .