وإلى ما ذكرناه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم : وبقوله صلى الله عليه وسلم : " القبر إما حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة " أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر " قوله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله كيف يسمعون وأنى يجيبون وقد جيفوا فقال صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لكلامي منهم ، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا " . عمر رضي الله عنه والحديث في الصحيح هذا قوله صلى الله عليه وسلم في المشركين فأما ، المؤمنون والشهداء فقد قال صلى الله عليه وسلم وبقوله صلى الله عليه وسلم لقتلى بدر من المشركين " يا فلان ويا ! فلان ! وقد سماهم النبي صلى الله عليه وسلم هل وجدتم ما وعد ربكم حقا فإني وجدت ما وعدني ربي حقا فسمع : أرواحهم في حواصل طيور خضر معلقة تحت العرش " وهذه الحالة وما أشير بهذه الألفاظ إليه لا ينافي ذكر الله عز وجل ، وقال تعالى : ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الآية ولأجل شرف ذكر الله عز وجل عظمت رتبة الشهادة لأن المطلوب الخاتمة ونعني بالخاتمة وداع الدنيا والقدوم على الله والقلب مستغرق بالله عز وجل ، منقطع العلائق عن غيره .
فإن قدر عبد على أن يجعل همه مستغرقا بالله عز وجل فلا يقدر على أن يموت على تلك الحالة إلا في صف القتال .
فإنه قطع الطمع عن مهجته وأهله وماله وولده ، بل من الدنيا كلها ؛ فإنه يريدها لحياته ، وقد هون على قلبه حياته في حب الله عز وجل ، وطلب مرضاته فلا ، تجرد لله أعظم من ذلك ؛ ولذلك عظم أمر الشهادة وورد فيه من الفضائل ما لا يحصى .
فمن ذلك أنه عبد الله بن عمرو الأنصاري يوم أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابر : " ألا أبشرك يا قال : بلى ، بشرك الله بالخير ، قال : إن الله عز وجل أحيا أباك فأقعده بين يديه ، وليس بينه وبينه ستر ، فقال تعالى : تمن علي يا عبدي ما شئت أعطيكه ، فقال : يا رب أن تردني إلى الدنيا حتى أقتل فيك وفي نبيك مرة أخرى ، فقال عز وجل : سبق القضاء مني بأنهم إليها لا يرجعون جابر ؟ ثم " القتل سبب الخاتمة على مثل هذه الحالة فإنه لو لم يقتل وبقي مدة ربما عادت شهوات الدنيا إليه وغلبت على ما استولى على قلبه من ذكر الله عز وجل . لما استشهد
ولهذا عظم خوف أهل المعرفة من الخاتمة ؛ فإن القلب وإن ألزم ذكر الله عز وجل فهو متقلب لا يخلو عن الالتفات إلى شهوات الدنيا ولا ينفك عن فترة تعتريه .
فإذا تمثل في آخر الحال في قلبه أمر من الدنيا ، واستولى عليه ، وارتحل عن الدنيا والحالة هذه ، فيوشك أن يبقى استيلاؤه عليه فيحن ، بعد الموت إليه ، ويتمنى الرجوع إلى الدنيا .
وذلك لقلة حظه في الآخرة ؛ إذ يموت المرء على ما عاش عليه ، ويحشر على ما مات عليه .
فاسلم الأحوال عن هذا الخطر خاتمة الشهادة إذ لم يكن قصد الشهيد نيل مال أو أن يقال : شجاع أو غير ذلك كما ورد به الخبر ، بل حب الله عز وجل وإعلاء كلمته فهذه الحالة هي التي عبر عنها إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ومثل هذا الشخص هو البائع للدنيا بالآخرة .
وحالة الشهيد توافق معنى قولك : لا إله إلا الله ؛ فإنه لا مقصود له سوى الله عز وجل ، وكل مقصود معبود وكل معبود إله فهذا الشهيد قائل بلسان حاله : لا إله إلا الله ؛ إذ لا مقصود له سواه .
ومن يقول ذلك بلسانه ولم يساعده حاله فأمره في مشيئة الله عز وجل ولا يؤمن في حقه الخطر .
ولذلك وذكر ذلك مطلقا في مواضع الترغيب
فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم قول : لا إله إلا الله على سائر الأذكار