فمن ارتفعت رتبته إلى هذه الدرجة لم يفتقر إلى تنويع الأوراد واختلافها ، بل كان ورده بعد المكتوبات واحدا ، وهو فلا يخطر بقلوبهم أمر ولا يقرع سمعهم قارع ، ولا يلوح لأبصارهم لائح إلا كان لهم فيه عبرة وفكر ومزيد فلا محرك لهم ، ولا مسكن إلا الله تعالى فهؤلاء جميع أحوالهم تصلح أن تكون سببا لزيادهم فلا تتميز عندهم عبادة عن عبادة وهم الذين فروا إلى الله عز وجل ، كما قال تعالى : حضور القلب مع الله تعالى في كل حال لعلكم تذكرون ففروا إلى الله وتحقق فيهم قوله تعالى وإذ : اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته وإليه الإشارة بقوله : إني ذاهب إلى ربي سيهدين وهذه منتهى درجات الصديقين ولا وصول إليها إلا بعد ترتيب الأوراد والمواظبة عليها دهرا طويلا فلا ينبغي أن يغتر المريد بما سمعه من ذلك ، فيدعيه لنفسه ، ويفتر عن وظائف عبادته فذلك علامته أن لا يهجس في قلبه وسواس ولا يخطر في قلبه معصية ولا ترعجه هواجم الأهوال ولا تستفزه عظائم الأشغال وأنى ترزق هذه الرتبة لكل أحد فيتعين على الكافة ترتيب الأوراد كما ذكرناه وجميع ما ذكرناه ، طرق إلى الله تعالى قال تعالى : قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا فكلهم مهتدون وبعضهم أهدى من بعض وقال بعض العلماء : الإيمان ثلاثمائة وثلاثة عشر خلقا بعدد الرسل فكل ، مؤمن على خلق منها ، فهو سألك الطريق إلى الله . وفي الخبر : الإيمان ثلاث وثلاثون وثلاثمائة طريقة ، من لقي الله تعالى بالشهادة على طريق منها دخل الجنة