الخامس : أن يقدم من الطعام قدر الكفاية ، فإن التقليل عن الكفاية نقص في المروءة والزيادة عليه تصنع ومراءاة لا سيما إذا كانت نفسه لا تسمح بأن يأكلوا الكل إلا أن يقدم الكثير وهو طيب النفس لو أخذوا الجميع ونوى أن يتبرك بفضلة طعامهم ، إذ في الحديث لا يحاسب عليه .
أحضر رحمه الله طعاما كثيرا على مائدته فقال له إبراهيم بن أدهم سفيان : يا أبا إسحاق أما تخاف أن يكون هذا سرفا ؟ فقال إبراهيم : ليس في الطعام سرف .
فإن لم تكن هذه النية فالتكثير تكلف .
قال رضي الله عنه : نهينا أن نجيب دعوة من يباهي بطعامه وكره جماعة من الصحابة ابن مسعود
ومن ذلك كان لا يرفع من بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلة طعام قط لأنهم كانوا لا يقدمون إلا قدر الحاجة ولا يأكلون تمام الشبع . أكل طعام المباهاة .
وينبغي أن يعزل أولا نصيب أهل البيت حتى لا تكون أعينهم طامحة إلى رجوع شيء منه فلعله لا يرجع فتضيق صدورهم وتنطلق في الضيفان ألسنتهم ، ويكون قد أطعم الضيفان ما يتبعه كراهية قوم ، وذلك خيانة في حقهم .
وما بقي من الأطعمة فليس للضيفان أخذه وهو الذي تسميه الصوفية الزلة إلا إذا صرح صاحب الطعام بالإذن فيه عن قلب راض أو علم ذلك بقرينة حاله وأنه يفرح به فإن كان يظن كراهيته .
فلا ينبغي أن يؤخذ ، وإذا علم رضاه فينبغي مراعاة العدل والنصفة مع الرفقاء فلا ينبغي أن يأخذ الواحد إلا ما يخصه أو ما يرضى به رفيقه عن طوع لا عن حياء .
آداب الانصراف .