الثاني : في احتمال الغبن والمشتري إن اشترى طعاما من ضعيف ، أو شيئا من فقير ، فلا بأس أن يحتمل الغبن ، ويتساهل ، ويكون به محسنا وداخلا في قوله صلى الله عليه وسلم : رحم الله امرءا سهل البيع ، سهل الشراء فأما إذا اشترى من غني تاجر يطلب الربح زيادة على حاجته ، فاحتمال الغبن منه ليس محمودا بل هو تضييع مال من غير أجر ولا حمد فقد ورد في حديث ، من طريق أهل البيت : المغبون في الشراء لا محمود ولا مأجور .
وكان إياس ابن معاوية بن قرة قاضي البصرة وكان من عقلاء التابعين يقول : لست بخب ، والخب لا يغبنني ، ولا يغبن ابن سيرين ، ولكن يغبن الحسن ، ويغبن أبي ، يعني معاوية بن قرة والكمال في أن لا يغبن ولا يغبن كما وصف بعضهم عمر ، رضي الله عنه ، فقال : كان أكرم من أن يخدع وأعقل من أن يخدع .
وكان الحسن والحسين وغيرهما من خيار السلف يستقصون في الشراء ، ثم يهبون مع ذلك الجزيل من المال ، فقيل لبعضهم تستقصي في شرائك على اليسير ثم تهب الكثير ، ولا تبالي ، فقال : إن الواهب يعطي فضله ، وإن المغبون يغبن عقله .
وقال بعضهم إنما أغبن عقلي وبصري فلا أمكن الغابن منه ، وإذا وهبت أعطي لله ولا أستكثر منه شيئا .


