ولم يجعل غير العالم من الناس لأن فالإنسان إنسان بما هو شريف لأجله وليس ذلك بقوة شخصه فإن الجمل أقوى منه ، ولا بعظمه فإن الفيل أعظم منه ولا بشجاعته فإن السبع أشجع منه ولا بأكله فإن الثور أوسع بطنا منه ولا ليجامع فإن أخس العصافير أقوى على السفاد منه بل لم يخلق إلا للعلم . الخاصية التي يتميز بها الناس عن سائر البهائم هو العلم
وقال بعض العلماء ليت شعري أي شيء أدرك من فاته العلم ، وأي شيء فاته من أدرك العلم .
وقال عليه الصلاة والسلام من أوتي القرآن فرأى أن أحدا أوتي خيرا منه فقد حقر ما عظم الله تعالى وقال فتح الموصلي رحمه الله أليس المريض إذا منع الطعام والشراب والدواء يموت ؟ قالوا : بلى قال : كذلك القلب إذا منع عنه الحكمة والعلم ثلاثة أيام يموت .
ولقد صدق فإن غذاء القلب العلم والحكمة وبهما حياته كما أن غذاء الجسد الطعام ومن فقد العلم فقلبه مريض وموته لازم ولكنه لا يشعر به إذ حب الدنيا .
وشغله بها أبطل إحساسه كما أن غلبة الخوف قد تبطل ألم الجراح في الحال وإن كان واقعا فإذا حط الموت عنه أعباء الدنيا أحس بهلاكه وتحسر تحسرا عظيما ثم لا ينفعه وذلك كإحساس الآمن خوفه ، والمفيق من سكره بما أصابه من الجراحات في حالة السكر أو الخوف ، فنعوذ بالله من يوم كشف الغطاء فإن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا وقال الحسن رحمه الله يوزن مداد العلماء بدم الشهداء فيرجح مداد العلماء بدم الشهداء .