وممن ذكر اتفاق السلف على ذلك في أجل كتبه، الذي سماه "إحياء علوم الدين" قال: "فإن قلت: الغزالي كعلم النجوم، أو هو مباح، أو مندوب إليه؟ فاعلم أن للناس في هذا غلوا وإسرافا في أطراف. فمن قائل: إنه بدعة وحرام، وإن العبد أن يلقى الله بكل ذنب - سوى الشرك - خير له من أن يلقاه بالكلام، ومن قائل: إنه واجب فرض: إما على كفاية، أو على الأعيان، وإنه أجل الأعمال، وأعلى القربات، [ ص: 146 ] وإنه تحقيق لعلم التوحيد، ونضال على دين الله" . فعلم الجدل والكلام مذموم
قال: "وإلى التحريم ذهب الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل وسفيان وجميع أهل الحديث من السلف، قال ابن عبد الأعلى سمعت يوم ناظر الشافعي حفصا الفرد - وكان من متكلمي المعتزلة - يقول: وإني سمعت من حفص كلاما لا أقدر أن أحكيه. وقال أيضا: قد اطلعت من أهل الكلام على شيء ما كنت ظننته قط، ولأن يبتلى العبد بكل ما نهى الله عنه، ما عدا الشرك، خير له من أن ينظر في الكلام" . لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيء من الكلام،
"وقال أيضا: لو علم الناس ما في الكلام من الأهواء لفروا منه فرارهم من الأسد" . [ ص: 147 ]
"وقال: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد ويطاف بهم في العشائر والقبائل، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام" .
قال "وقال لا يفلح صاحب الكلام أبدا، ولا تكاد ترى أحدا نظر في الكلام إلا وفي قلبه دغل" . أحمد بن حنبل:
قال: "وبالغ فيه حتى هجر مع زهده وورعه بسبب تصنيفه كتابا في الرد على المبتدعة، وقال: ويحك ألست تحكي بدعتهم أولا ثم ترد عليهم؟ ألست تحمل الناس بتصنيفك على مطالعة البدعة، والتفكر في تلك الشبهات، فيدعوهم ذلك إلى الرأي والبحث" . الحارث المحاسبي