ثم ذكر الإمامية والباطنية، وأن المعرفة تحصل عندهم بقول الرسول والإمام المعصوم، دون نظر العقل. وتكلم في مسألة نفي الوجوب العقلي بما ليس هذا موضعه. وتكلم في طرق المعلومات بالكلام المعروف لأهل هذه الطريقة، وأن منها ما لا يعلم إلا بالعقل، ومنها ما لا يعلم بالسمع، ومنها ما يعلم بهما. فالذي لا يعلم إلا بالعقل: علمنا بأنه لا بد من موجود قديم، لأن الكل لو كان حادثا لكان حادثا بلا سبب. وهذه المعرفة تتقدم على ورود الرسول، فلا حاجة فيها إلى الرسول. بل مثاله علمنا بدلالة معجزة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على صدقه. والذي يعلم بمجرد التعليم من النبي المعصوم مثل علمنا بمقادير العبادات الواجبة، وما يتعلق بالآخرة من الجنة، والنار، وعذاب القبر، والحساب، والميزان، وغير ذلك. قول
قال: فأما معرفة افتقار هذا العالم إلى صانع قادر على إرسال الرسل، فهو متقدم على قول الرسول، فكيف يكون مستفادا من قول الرسول؟ فمعرفة المرسل إذا تقدم على معرفة الرسول ومعرفة صدقه، فكيف يعرف بقول الرسول؟ قال: وأما مثال ما يدرك بالعقل والسمع جميعا، فهو كرؤية الله تعالى، وكونه خالقا لأعمال العباد فهذا مما يعلم بمجرد السمع وبمجرد العقل. (فالرسول -صلى الله عليه وسلم- إنما بعث ليفصل الشرع، [ ص: 27 ] وليشرح أمر الآخرة.