ثم إذا قدر أنهم أثبتوا وجودا واجبا، فهم لم يقروا أنه واحد وأنه [ ص: 126 ] مغاير للأفلاك، إلا بدعوى أن الواجب لا يكون مركبا، لأن المركب يفتقر إلى أجزائه وما افتقر إلى أجزائه لم يكن واجبا.
ومعلوم أن هذا إنما ينفي وجوب واجب، بمعنى أنه منفرد، ليس بصفة ولا موصوف، وأن مثل هذا يمتنع أن يكون موصوفا، مع أن الغرض أنه ليس بموصوف. ولكن هذا الواجب لم يقم دليل على وجوده، بل ولا على إمكانه، وإنما يقوم الدليل على امتناعه. يراد به افتقار المفعول إلى فاعله، والمعلول إلى علته الفاعلة، وإنما يراد به أنه يلزم من وجود المركب وجود أجزائه، فيلزم من وجود الذات المتصفة بصفات، وجود الذات والصفات.
وهذا لا محذور فيه، وحقيقته أنه يلزم من كون الشيء موصوفا كونه موصوفا، ومن كونه مركبا كونه مركبا. وهذا كلام صحيح، وليس فيه ما يدل على امتناع ذلك، وقد بسط هذا في غير هذا الموضع.
وقد تفطن وغيره لبعض ما به يفسد كلامهم، وقد تكلمنا على ذلك وعلى أنواع أخر مما يتبين به بطلان كلامهم. الغزالي