وجمهور الناس من أهل السنة والمعتزلة وغيرهم أنكروا ذلك، وقالوا: إن فساد هذا معلوم بصريح العقل؛ فإن التوراة إذا عربت لم تكن هي القرآن، ولا معنى قل هو الله أحد هو معنى تبت يدا أبي لهب .
وكان يوافقهم على إطلاق القول بأن التلاوة غير المتلو وأنها مخلوقة، من لا يوافقهم على هذا المعنى، بل قصده أن التلاوة هي أفعال العباد وأصواتهم. [ ص: 268 ]
فمنهم من يعرف أنه موافق وصار أقوام يطلقون القول بأن التلاوة غير المتلو، وأن اللفظ بالقرآن مخلوق، ومنهم من يعرف مخالفته له، ومنهم من لا يعرف منه لا هذا ولا هذا، وصار لابن كلاب، ونحوه ـ ممن يوافق أبو الحسن الأشعري على قوله ـ موافقا ابن كلاب وغيره من أئمة السنة في المنع من إطلاق هذا وهذا، فيمنعون أن يقال: اللفظ بالقرآن مخلوق أو غير مخلوق، وهؤلاء منعوه من جهة كونه يقال في القرآن: إنه يلفظ أو لا يلفظ وقالوا اللفظ: الطرح والرمي، ومثل هذا لا يقال في القرآن. للإمام أحمد
ووافق هؤلاء على التعليل بهذا طائفة ممن لا يقول بقول في الكلام ابن كلاب وأمثاله، ووقع بين كالقاضي أبي يعلى أبي نعيم الأصبهاني في ذلك ما هو معروف، وصنف وأبي عبد الله بن منده أبو نعيم في ذلك كتابه في الرد على اللفظية والحلولية، ومال فيه إلى جانب النفاة القائلين بأن التلاوة مخلوقة، كما مال إلى جانب من يقول إنها غير مخلوقة، وحكى كل منهما عن الأئمة ما يدل على كثير من مقصوده، لا على جميعه فما قصده كل منهما من الحق وجد فيه من المنقول الثابت عن الأئمة ما يوافقه. ابن منده
وكذلك وقع بين أبي ذر الهروي في ذلك، حتى صنف وأبي نصر السجزي كتابه الكبير في ذلك المعروف بالإبانة، وذكر فيه من الفوائد والآثار والانتصار للسنة وأهلها أمورا عظيمة المنفعة، لكنه نصر فيه قول من يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق، وأنكر على أبو نصر السجزي وغيره ما ذكروه من [ ص: 269 ] التفصيل، ورجح طريقة من هجر ابن قتيبة وزعم أن البخاري، كان يقول لفظي بالقرآن غير مخلوق، وأنه رجع إلى ذلك. أحمد بن حنبل