ودلالة التضمن دلالة اللفظ على ما هو داخل في ذلك المعنى، ودلالة الالتزام دلالة اللفظ على ما هو لازم لذلك المعنى خارج عن مفهوم اللفظ.
فدلالة المطابقة هي دلالة اللفظ على جميع هذه الماهية التي عناها المتكلم بلفظه، وهو دلالة على تمام الماهية. وذلك المدلول [ ص: 13 ] عليه بالمطابقة هو مقول في جواب ما هو، إذا قيل ما هو بحسب الاسم. وإذا سئل عما هو المراد بهذا اللفظ، ذكر مجموع ما دل عليه بالمطابقة، فالمدلول عليه بالتضمن هو جزء هذا المدلول، وهو جزء ماهيته، وهو داخل في ذاته. وأما اللازم لهذا المدلول فهو خارج عن حقيقته، عرض لازم له، فهذا تقسيم معقول، ولكنه يعود إلى قصد المتكلم ومراده باللفظ.
وأما كون الموجود في الخارج تنقسم صفاته اللازمة له التي لا يكون موجودا إلا بها: إلى ما هو داخل في حقيقته مقوم لها متقدم عليها بالذات، وإلى ما تكون خارجة عن حقيقته عرضي لها، فهذا باطل عند جماهير العقلاء من متكلمي أهل الإسلام وغيرهم.
وقد بينا فساد ذلك في مواضع، وكذلك بين فساده غير واحد من أهل الكلام والفلاسفة، وتكلمنا على ما ذكره في الإشارات وغيرها، وبينا تناقضه وتناقض غيره في الفرق بين الذاتيات والعرضيات اللازمة إذا جعلا لازمين للحقائق الموجودة في الخارج، وما ذكره في مسألة العلم مبني على ذلك الأصل الفاسد، حيث قال: لو كان واجب الوجود يعقل الأشياء من الأشياء، لكانت ذاته: إما متقومة بما تعقل، فيكون متقوما بالأشياء، وإما عارضا لها أن تعقل، فلا تكون واجبة الوجود من جميع الجهات. ابن سينا