الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأيضا فمجرد هذا العلم الكلي لا يكفي في وجود المعينات، فالمعين لا يوجد إلا بتصور معين وإرادة معينة، وإلا فمن أراد أن يكرم الأبرار، ويعاقب الفجار، ويقبل شهادة العدول، ويرد شهادة أهل الزور، وهو لا يعرف أعيان هؤلاء وهؤلاء -لم يمكنه فعل شيء من ذلك الأمر الكلي الذي عزم. [ ص: 170 ]

ومن أراد أن يأكل طعاما، ويلبس ثوبا، وليس له قصد من طعام بعينه، وثوب بعينه، إن لم يحصل له طعام معين، وثوب معين، بحيث تكون له إرادة معينة وتصور معين -امتنع أن يأكل ويلبس، لكن قد يكون قصده للمعين، هو لكونه هو الميسور المقدور عليه، ولو حصل غيره لقام مقامه، ليس له إرادة في أحدهما دون الآخر، إلا لكونه هو الذي تيسر وقدر عليه، فهنا يكون سبب تعين الإرادة هي القدرة.

وكذلك من قصده أن يعطي الزكاة للأنواع الكلية التي ذكرها الله في كتابه، وليس له غرض في شخص بعينه، فهو يعطي من علم أنه منهم، ومن أمكنه أعطاه.

التالي السابق


الخدمات العلمية