وأما تمثيل ذاك بنور الشمس، فعنه جوابان.
أحدهما: أن الشمس علة تامة فاعلة للنور. بل هي شرط في فيضانه، وفيضانه مشروط بوجود جسم ينعكس عليه شعاعها، والأول سبحانه هو وحده مبدع لكل ما سواه.
الثاني: أن الشمس إن قيل: إنها عالمة بنفسها، وقيل مع ذلك: إنها مبدعة للشعاع، لم نسلم أنها لا تعلم الشعاع، لكن الشأن في تينك المقدمتين.
وأما قوله: مهما وافقهم لازم له.
فيقال: بل الصواب أن يقال: إثباتك العلم مع نفي الإرادة تناقض يلزم منه خطؤك: إما في إثبات العلم وإما في نفي الإرادة.
وحينئذ فيقال: هؤلاء نفوا العلم والإرادة، وأنت أثبت العلم دون الإرادة، وهما متلازمان، فيلزم خطؤك: إما في إثبات العلم، وإما في نفي الإرادة.
وحينئذ فيقول: أدلتي المذكورة على ثبوت العلم صحيحة توجب [ ص: 148 ] ثبوت العلم، وإذا كان ذلك مستلزما للإرادة، كان خطئي في نفي الإرادة، فهذا هو الصواب، دون أن يقال: كما وافقتهم على الخطإ في نفي الإرادة، فوافقهم على الخطإ في نفي العلم.
وأما قوله في الوجه الثاني: إن فعل الله واحد، وهو المعلول الأول فينبغي أن لا يكون عالما إلا به.
فيقال: إذا ثبت أن علمه بنفسه يستلزم علمه بمفعولاته، وجميع الممكنات مفعولة، لزم أن يعلمها كلها.