وكذلك إن تنازعتم في إثبات علمه ورحمته وقوته، فالصواب مع المثبت.
وإن تنازعتم في أنه: هل صفاته ذوات قائمة بنفسها، كما قد يحكى عن النصارى، فالصواب مع النافي.
فإن قال القائل: الأجسام متماثلة، فإذا قلنا: هو جسم، لزم أن [ ص: 312 ] يكون مثلا لغيره، بخلاف ما إذا قيل: حي وحي، وعليم وعليم، وقدير وقدير، فإن هذا اتفاق في الصفات لا يقتضي التماثل في الذوات، فمن قال: هو جسم لا كالأجسام -كان مشبها، بخلاف من قال: حي لا كالأحياء.
وهذا السؤال يقوله من يقوله من أصحاب ومن وافقهم من أصحاب الأشعري، مالك والشافعي فيقال: إذا كان المخاطب لك ينفي أن يكون مماثلا لغيره، وينفي التشبيه كما ننفيه، وأنت وهو قد تنازعتم في مسمى اسم من الأسماء: هل هو مماثل لغيره أو لا؟ كان ذلك نزاعا لفظيا ونزاعا عقليا، ليس ذلك نزاعا في أمر ديني، ولو تركوا الكلام في هذا، لم يضر ذلك الدين شيئا، ويمكن كلا منهما أن يعبر مقصوده الديني بما لا نزاع فيه، فيبقى هذا التمثيل بألفاظ ومعان لا نزاع فيها، ويثبت هذا قيام الرب بنفسه، ومباينته لخلقه، وعلوه على عرشه، بألفاظ ومعان لا نزاع فيها، من غير احتياج واحد منهما إلى التكلم بلفظ الجسم نفيا ولا إثباتا. وأحمد.