فقولهم في [القسم] الأول: هو مثل فصول الأنواع الداخلة تحت جنس واحد، فإن طبيعة ذلك الجنس لازمة لطبائع الفصول، كالوجود والوجود والوحدة، والتماثل والاختلاف، والتضاد والتغاير، اللوازم للحقائق الكثيرة.
يقال لهم: فصول الأنواع: كالناطقية والصاهلية ونحوهما، التي هي فصول أنواع الحيوان: كالفرس والإنسان وغيرهما مما يدخل تحت جنس الحيوان، إذا قيل: طبيعة الجنس - وهو الحيوان - لازمة [ ص: 97 ] لطبائع هذه الفصول، كما هو لازم لهذه الأنواع، فإذا أخذت عين اللازم والملزوم في الخارج، كان التلازم من الطرفين، يلزم من ثبوت أحدهما ثبوت الآخر، ومن انتفائه انتفاؤه، فلا يقال [:إن أحدهما أعم من الآخر ولا أخص.
وإذا قيل]: إنهما يشتركان في الحيوانية، وكل منهما متميز عن الآخر بالناطقية والصاهلية، فكل من هذه الموجودات متميز عن غيره بحيوانيته، كما هو متميز بناطقيته وصاهليته، ونوع الناطقية لا يميز [معينا عن معين]، وإنما يميز نوعا عن نوع، والأنواع إنما هي في الأذهان لا في الأعيان، فإن الحيوان إذا لزم الناطق والصاهل، فنفس الحيوان الذي يقال إنه في الصاهل ليس هو نفس الحيوان الذي في الناطق، ولكن يشابهه، بل الحيوان هو نفس الصاهل ونفس الناطق ليس الحيوان فيه.
وهم قد يقولون: إن في الناطق والصاهل حيوانا وهذا غلط، فإن الحيوان هو الموصوف بأنه صاهل وأنه ناطق، بل وهذا الصاهل المعين هو حيوان، وليس هو هذا الصاهل المعين الذي هو حيوان، فضلا عن أن يكون هذا الناطق المعين. [ ص: 98 ] وليس في [الجوهر] المعين جوهر آخر: لا مطلقا ولا معينا، بل هو جوهر واحد موصوف بهذا وبهذا،
ولو قيل: إن هذا الصاهل المعين فيه حيوان، فليس الحيوان الذي فيه هو الحيوان الذي فيه الصاهل المعين، فكيف بما في الناطق وأمثاله؟