قال القاضي: وروى أبو حفص بإسناده عن عن ابن جريج، عطاء، عن قال: ابن عباس «رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه بفؤاده مرتين».
وروى أيضا بإسناده عن عكرمة، عن قال: ابن عباس محمد ربه بقلبه» قال القاضي: وهذا الاختلاف عنه ليس براجع إلى ليلة المعراج، إنما هو راجع إلى رؤيته في المنام في غير تلك الليلة، رآه بقلبه على ما نبينه فيما بعد. «رأى
قلت: هذه الألفاظ المتأخرة ثابتة في الصحيح عن وهو ذكرها في تفسير قوله تعالى: ابن عباس، ولقد رآه نزلة أخرى [النجم: 13] ولم يقل إن الرؤية بفؤاده كانت في المنام بل تكون في اليقظة. ابن عباس:
[ ص: 285 ] ثم قال القاضي: «وما رويناه عن أولى مما روي عن ابن عباس لأن قول عائشة؛ يطابق قول النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت رؤيته تلك الليلة؛ ولأنه مثبت، والمثبت أولى من النافي، ولا يجوز أن يثبت ابن عباس ذلك إلا عن توقيف؛ إذ لا مجال للقياس في ذلك». ابن عباس
قلت: أما ترجيحه قول بأنه مثبت، وبأن ذلك لا يقال إلا عن توقيف، فهو من الترجيح القديم الذي يحتج به مثبت رؤية ابن عباس محمد صلى الله عليه وسلم من الأئمة وسائر أهل الحديث، ولا ريب أن المثبت أولى من النافي فيما كان من باب الرواية، كما قدم الناس رواية بلال «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في البيت» على قول أسامة: [ ص: 286 ] «إنه لم يصل».
وقد قالوا: هذا لا يقال بالقياس، وإنما يقال بالتوقيف، فيكون من باب الرواية، لكن قد يقال: ونفي ذلك أيضا لا يؤخذ بالقياس وإنما يقال بالتوقيف، فإن كون رؤية محمد ربه وقعت أو لم تقع هو من الأخبار التي لا تعلم بمجرد القياس، رضي الله عنها لما نفت ذلك لم تستند مع استعظام ذلك أن تكون في الدنيا إلا إلى ما تأولت من الآيتين، وعائشة ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى: وابن عباس ولقد رآه نزلة أخرى [النجم: 13].
فكلامه أيضا كان في تأويل القرآن. وأما الأحاديث التي رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ابن عباس فقد ذكر القاضي ذلك لما ذكر تلك الأحاديث، وأما ما احتج به من أن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت رؤيته تلك الليلة فإنه لم يعتمد في ذلك إلا على الحديث الذي ذكر هذا كله في الكلام عليه، وهو [ ص: 287 ] الحديث الذي سنذكره إن شاء الله مما رواه «رأيت ربي» عن الخلال، أبي ثعلبة، عن أبي عبيدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لما كانت ليلة أسري بي رأيت ربي في أحسن صورة، فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري، قال: فوضع يده حتى وجدت -فذكر كلمة ذهبت عني- قال: ثم قال: فيم يختصم الملأ الأعلى». وذكر الخبر.
قال القاضي: اعلم أن الكلام في هذا الخبر في فصول:
أحدها: في والثاني: في إثبات ليلة الإسراء وصحتها. والثالث: في وضع الكف بين كتفيه. الرابع: في إطلاق تسمية الصورة عليه. والخامس: قوله: «لا أدري، لما سأله: فيم يختصم الملأ الأعلى»؟ ثم تكلم على ذلك. إثبات رؤيته لله تعالى تلك الليلة.