وأما لفظ الحياة والبقاء فلا يجوز أن يراد بها الذات الحية؛ لأن ذلك صفة، والذات هي الموصوف، فمن اعتقد أن مسمى النفس في الخالق والمخلوق صفة وعرض لا موصوف وجوهر، وجعل مسمى لفظها من جنس مسمى لفظ الحياة والبقاء فقد غلط على اللغة، وغلط على القرآن والحديث.
قالوا: وهذا يؤدي إلى جواز القول بأن الله نفس، وأنه يجوز أن يدعى فيقال: «يا نفس اغفر لنا» وقد أجمعت الأمة على منع ذلك.
والجواب من وجوه:
أحدها: أن هذا منقوض عليهم بلفظ: ذات، وموصوف، وقائم بنفسه، وحقيقة، وبائن من خلقه، ونحو ذلك، فإنه إن جاز أن يقال: يا ذات، يا موصوف، يا قائما بنفسه، يا حقيقة، يا بائنا من خلقه اغفر لنا - جاز أن يقال: يا نفس، وإلا فلا.
الثاني: أن فأما الألفاظ التي لا تدل إلا على مطلق الوجود ونحوه فلا يدعى بها، كما أنه سبحانه لا يدعى بالأسماء الدالة على خلقه للضرر [ ص: 466 ] إلا مقرونا بالأسماء التي تدل على خلقه للنفع، فلا يقال: يا ضار، ولا يا مانع، إلا مقرونا بيا نافع ويا هادي ويا معطي، فإن الاقتران يقتضي عموم القدرة والخلق والحكمة، وهذا من أسمائه الحسنى بخلاف إفراد أحدهما. الله إنما يدعى بأسمائه الحسنى وهي الأسماء التي تدل عليه نفسه، وتبين من أوصافه ما فيه حمد وثناء عليه،
الثالث: أن هذا يرد عليهم فيما ادعوه فإنهم جعلوا له نفسا هي صفة، فينبغي أن يقال: يا ذا نفس اغفر لنا.