وإذا كان كذلك فعدم قبول الوصف بثبوت ذلك ونفيه لا يكون صفة إلا للمعدوم، لا يكون صفة للموجود، كما بينا هذا فيما تقدم، فإن المعدوم لا يقبل الاتصاف بالصفات المتقابلة، فلا يقال فيه: عالم ولا جاهل، ولا قادر ولا عاجز، ولا يزيد ولا ينقص، ولا لا يزيد ولا لا ينقص.
[ ص: 582 ] فأما كون الشيء غير موصوف بالزيادة والنقصان ولا بعدم ذلك وهو موجود، وليس بذي قدر، فهذا لا يعقل، ومما يوضح هذا أنه ينبغي الفرق بين قولنا: هذا لا يوصف بأنه يزيد وينقص ولا بأنه لا يزيد ولا ينقص، فأما الأول فلا يقال إلا فيما له قدر يعقل أن يزيد وأن ينقص، فأما ما لا قدر له فلا تعقل فيه الزيادة والنقص؛ حتى ينفى ذلك عنه.
يبين هذا أن الحكم على الشيء فرع تصوره، فكما لا يمكن نفيه حتى يتصور فإذا قيل: هذا يقبل الزيادة والنقص أو لا يقبل ذلك، أو: هذا يزيد وينقص أو لا يزيد ولا ينقص - كان الحكم بالثبوت أو النفي فرع تصور الزيادة والنقص فيه، فيمتنع نفي ذلك عنه أو نفي قبول ذلك له إلا بمعنى أن حقيقته يعقل بثبوت هذا الوصف لها نفيا أو إثباتا.
وكون حقيقته بحيث لا يعقل ثبوت الوصف لها إثباتا [ ص: 583 ] أو نفيا إنما ينطبق على المعدوم.
الوجه السادس والعشرون: أن ما ذكره مضمونه أن هو الذي لا يقبل الزيادة والنقصان، وهذا تفسير ما علمنا أن أحدا فسر به الصمد. معنى الصمد
الوجه السابع والعشرون: قوله: «وذلك لأن الجسم الذي يكون هذا شأنه مبرأ عن الانفصال والتباين عن الغير، وهو سبحانه واجب الوجود لذاته، وذلك يقتضي أن يكون غير قابل للزيادة والنقصان» يقال له: نفي الزيادة والنقص عنه ليس بأعظم من نفي الانفصال والتباين عن الغير؛ إذ كل ما يقال في هذا يقال في هذا.