والمقصود الكلام على "الوسطى"، وأنها مما قد يشتغل عنها الأنبياء والصالحون، كما نسيها النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن نسيها من أصحابه يوم الخندق، وكما نسيها سليمان يوم عرضت عليه الخيل. فتخصيصها بالأمر بالمحافظة عليها مناسب، كما هو قول أهل الحديث والسلف.
ويليه قول من قال: إنها الفجر، فإنه أيضا قول طائفة من الصحابة والعلماء المتبوعين. والفجر أحق الصلوات بذلك بعد العصر، فإن هاتين الصلاتين بينهما من الاشتراك الذي اختصا به ما ليس لغيرهما من الصلوات، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح : يعني الفجر والعصر. وقال في الحديث الصحيح : "لن يلج النار [ ص: 306 ] أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" وقال : "من صلى البردين دخل الجنة". وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها . وقال في الحديث الصحيح : "إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا"، ثم قرأ: "من أدرك [ركعة] من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك".
وذلك أن الله وإن كانت صلاة الظهر قد تدخل في ذلك. وكذلك قوله: أمر بالصلاة قبل طلوع الشمس وقبل الغروب، وهذا يتناول هاتين الصلاتين قطعا، وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار ، وأقم الصلاة طرفي النهار و بالغدو والآصال ، ونحو ذلك يتناول الفجر والعصر قطعا، والظهر وإن دخلت في ذلك فوقتها وقت العصر حين العذر، كما أن وقت العصر هو وقتها حال العذر فوقت هاتين الصلاتين واحد من وجه.