الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الحادي عشر في تعظيم مكة وحرمها، وتعظيم الذنب فيها

                                                                                                                                                                                                                              عن أبي شريح العدوي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الغد من يوم الفتح فقال: "إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دما ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقولوا له: إن الله تعالى قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهد الغائب".

                                                                                                                                                                                                                              رواه الإمام الشافعي والشيخان.

                                                                                                                                                                                                                              وعنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرم هذا البيت يوم خلق السماوات والأرض وصاغه يوم صاغ الشمس والقمر وما حياله من السماء حرام، وإنه لا يحل لأحد بعدي وإنما أحل لي ساعة من النهار ثم عاد كما كان".

                                                                                                                                                                                                                              رواه الطبراني .

                                                                                                                                                                                                                              وعن عياش بن أبي ربيعة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة حق تعظيمها فإذا ضيعوا ذلك هلكوا".

                                                                                                                                                                                                                              رواه ابن ماجه.

                                                                                                                                                                                                                              وعن صفية بنت شيبة - رضي الله تعالى عنها - قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يا أيها الناس إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، وهي حرام إلى يوم القيامة، لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا تؤخذ لقطتها إلا لمنشد". فقال العباس: إلا الإذخر فإنه للبيوت والقبور. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إلا الإذخر". [ ص: 205 ] رواه البخاري تعليقا. ووصله ابن ماجه.

                                                                                                                                                                                                                              وعن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة : "إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض والشمس والقمر ووضع هذين الأخشبين، فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولا يحل لأحد بعدي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يختلى خلاؤها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها، ولا تلتقط لقطتها إلا لمن عرفها إلى أخرة".

                                                                                                                                                                                                                              رواه ابن أبي شيبة والخمسة.

                                                                                                                                                                                                                              وروى الأزرقي عن الزهري مرسلا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الناس لم يحرموا مكة ولكن الله تعالى حرمها فهي حرام إلى يوم القيامة، وإن من أعتى الناس على الله تعالى رجلا قتل في الحرم ورجلا قتل غير قاتله، ورجلا أخذ بذحول الجاهلية".

                                                                                                                                                                                                                              الذحول جمع ذحل بذال معجمة فحاء مهملة، وزان فلس: الحقد والعداوة. وطلب بذحله أي بثأره، وهو المراد هنا.

                                                                                                                                                                                                                              وروى الأزرقي عن قتادة رحمه الله تعالى قال: ذكر لنا أن الحرم حرم بحياله إلى العرش.

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا عن مجاهد قال: إن هذا الحرم حرم مناه وقصده من السماوات السبع. والأرضين السبع، وإن هذا البيت رابع أربعة عشر بيتا في كل سماء بيت، وفي كل أرض بيت، ولو وقعن بعضهن على بعض.

                                                                                                                                                                                                                              وروى الأزرقي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البيت المعمور الذي في السماء يقال له الضراح وهو على منا الكعبة ، يعمره كل يوم سبعون ألف ملك لم يزره قط، وإن للسماء السابعة لحرما على منا حرم الكعبة ".

                                                                                                                                                                                                                              وروى الأزرقي والطبراني والبيهقي في الشعب عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ستة لعنتهم وكل نبي مجاب الدعوة: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمتسلط بالجبروت ليذل من أعز الله ويعز من أذل الله، والتارك لسنتي، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والمستحل لحرم الله".

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية