الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              حرف الشين المعجمة

                                                                                                                                                                                                                              «الشارع » :

                                                                                                                                                                                                                              العالم الرباني العامل المعلم أو المظهر المبين للدين القيم. اسم فاعل من الشرع وهو الإظهار والتبيين، وقد اشتهر إطلاقه عليه على ألسنة العلماء، لأنه شرع الدين والأحكام، والشرع الدين، وكذلك الشريعة، وقد وصف الله تعالى نفسه بقوله تعالى: شرع لكم من الدين فهو مما سماه الله تعالى من أسمائه.

                                                                                                                                                                                                                              «الشافع » :

                                                                                                                                                                                                                              الطالب للشفاعة.

                                                                                                                                                                                                                              «المشفع »

                                                                                                                                                                                                                              بفتح الفاء الذي يشفع فتقبل شفاعته وهي السؤال في التجاوز عن المذنبين.

                                                                                                                                                                                                                              «الشفيع » :

                                                                                                                                                                                                                              صيغة مبالغة ورد الأول والثالث في حديث مسلم السابق في اسمه «الأول » والثاني في حديث سبق في اسمه أكثر الأنبياء تابعا وسيأتي الكلام على شفاعته صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              «الشافي » :

                                                                                                                                                                                                                              المبرئ من السقم والألم. والكاشف عن أمته كل خطب ألم.

                                                                                                                                                                                                                              «الشاكر » :

                                                                                                                                                                                                                              اسم فاعل من الشكر وهو الثناء على المحسن بما أولاه من المعروف، وقيل تصور النعمة وإظهارها وقيل هو مقلوب عن الكشر وهو الكشف وقيل مأخوذ من قولهم «عين [ ص: 474 ] شكرى » أي ممتلئة فالشكر على هذا الامتلاء من ذكر المنعم. وقال القشيري: حقيقة الشكر:

                                                                                                                                                                                                                              نطق العبد وإقراره بنعمة الرب. وقيل: الاعتراف بعجزه عنه. والشكر على ثلاثة أقسام:

                                                                                                                                                                                                                              شكر باللسان، وهو الاعتراف بالنعمة وشكر بالأركان وهو الاتصاف بالوفاق والخدمة.

                                                                                                                                                                                                                              وشكر بالجنان، وهو الاعتكاف على بساط الشهود مع حفظ الحدود والحرمة.

                                                                                                                                                                                                                              قال القاضي: الشكر من الخلق للحق معرفة إحسانه، وشكر الحق للخلق مجازاتهم على أفعالهم، فسمي جزاء الشكر شكرا مجازا، والعلاقة المشاكلة، كما سمي جزاء السيئة سيئة في قوله تعالى: وجزاء سيئة سيئة مثلها وهو من أسمائه تعالى.

                                                                                                                                                                                                                              «الشكار » :

                                                                                                                                                                                                                              أبلغ من الشكور الذي هو أبلغ من شاكر كما يعلم ذلك في بحث الغفور.

                                                                                                                                                                                                                              وفي حديث ابن ماجة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: رب اجعلني لك شكارا.

                                                                                                                                                                                                                              «الشكور » :

                                                                                                                                                                                                                              كثير الشكر صيغة مبالغة فعول بمعنى فاعل، أو الذي يثيب الكثير على القليل، وكان هذا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم لئلا يصير لأحد عليه منه وهو من أسمائه تعالى ومعناه الذي يعطي الجزيل على العمل القليل من قولهم دابة شكور إذا أظهرت من السمن فوق ما تعطى من العلف، أو المثني على عباده إذا أطاعوه أو المجازي على الشكر.

                                                                                                                                                                                                                              روى الشيخان عن المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى حتى انتفخت قدماه، فقيل له:

                                                                                                                                                                                                                              أتتكلف هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدا شكورا
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              قيل: وهو أبلغ من الشاكر لأنه الذي يشكر على العطاء والشكور الذي يشكر على البلاء. وقيل: الشاكر الذي يشكر على الموجود والشكور الذي يشكر على المفقود.

                                                                                                                                                                                                                              وحكي أن شقيقا البلخي رحمه الله تعالى أنه سأل جعفر بن محمد رضي الله تعالى عنه وعن آبائه عن الفتوة فقال: ما تقول أنت؟ فقال شقيق: إن أعطينا شكرنا وإن منعنا صبرنا. فقال جعفر: هكذا تفعل كلاب المدينة! فقال شقيق: يا ابن رسول الله فما الفتوة عندكم؟ قال: إن أعطينا آثرنا وإن منعنا شكرنا.

                                                                                                                                                                                                                              «الشاهد » :

                                                                                                                                                                                                                              العالم. أو المطلع الحاضر اسم فاعل من الشهود وهو الحضور. قال تعالى:

                                                                                                                                                                                                                              إنا أرسلناك شاهدا أي على من بعثت إليهم مقبول القول عليهم عند الله تعالى كما يقبل الشاهد العدل. ولهذا تتمة تأتي في الشهيد.

                                                                                                                                                                                                                              «الشثن »

                                                                                                                                                                                                                              «عا » بفتح الشين وسكون المثلثة وآخره، نون أي عظيم الكفين والقدمين. [ ص: 475 ]

                                                                                                                                                                                                                              والعرب تمدح بذلك. وقال القاضي رحمه الله: نحيفها وقيل: هو الذي في أنامله غلظ بلا قصر. وذلك محمود في الرجال لأنه أشد وأمكن للقبض.

                                                                                                                                                                                                                              «الشديد » :

                                                                                                                                                                                                                              واحد الأشداء من الصفات المشبهة وهو البين الشدة بكسر الشين المعجمة والاسم الاشتداد. وهو القوة قال الله تعالى: محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار وهو معنى قوله تعالى: واغلظ عليهم وقال الحسن: بلغ من شدتهم عليهم أنهم كانوا يتحرزون من مماسة أبدانهم وثيابهم.

                                                                                                                                                                                                                              «الشدقم »

                                                                                                                                                                                                                              بفتح الشين وسكون الدال المهملة وفتح القاف البليغ المفوه. وأصله كبير الشدق وهو جانب الفم، وميمه زائدة. روى مسلم عن سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم. وسيأتي بيان ذلك في صفة فمه إن شاء الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                              «الشريف » :

                                                                                                                                                                                                                              صفة مشبهة من الشرف وهو العلو أي العالي أو المشرف على غيره، أي المفضل فعيل بمعنى فاعل أو مفعول.

                                                                                                                                                                                                                              «الشفاء »

                                                                                                                                                                                                                              بكسر الشين ممدودا البرء من السقم والسلامة منه. وسمي به صلى الله عليه وسلم لأن الله تعالى أذهب ببركته الوصب، وأزال بسماحة ملته النصب. قال الله تعالى: قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور قيل: المراد به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              «الشمس »

                                                                                                                                                                                                                              في الأصل: الكوكب النهاري. وسمي به صلى الله عليه وسلم إما لظهور شريعته أو لعلوه ورفعته لأن رتبتها أرفع من غالب الكواكب، لأنها في السماء السادسة عند المحققين من متأخري أهل الهيئة أو لكثرة الانتفاع به كما أن الانتفاع بها أكثر من غيرها لأنها تنضج الزرع وتشد الحب وترطب البدن أو لأنه لجلالة قدره وعظم منزلته لا يحاط بكمال صفته ولا يسع الرائي ملء عينه منه إجلالا له كما أن الشمس لكبر جرمها حتى قيل إنها قدر كرة الأرض مائة وستين مرة وقيل: وخمسين وقيل: وعشرين. لا يدركها البصر بل تكاد تكله وتخطفه وتعميه.

                                                                                                                                                                                                                              أو لأن نور الأنبياء مستمد من نوره كما قال البوصيري رحمه الله تعالى.


                                                                                                                                                                                                                              وكل آي أتى الرسل الكرام بها فإنما اتصلت من نوره بهم

                                                                                                                                                                                                                              كما أن سائر الكواكب تستمد من نور الشمس بمعنى أن نورها لما كان مستمدا مستترا من نور الشمس فكأنه مستمد منه وإلا فهي جوهر شفاف لا لون لها مضيئة بذاتها أو بكواكب أخر مستترة عنا لا نشاهدها إلا القمر فإنه كمل في نفسه.

                                                                                                                                                                                                                              «الشهاب »

                                                                                                                                                                                                                              بكسر الشين المعجمة: السيد الماضي في الأمر أو النجم المضيء وسمي صلى الله عليه وسلم بذلك كما سمي بالنجم، أو لأن الله حمى به الدين من كل معاند وجاحد كما حمى بالشهب سماء الدنيا من كل شيطان مارد. قال كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه يمدحه صلى الله عليه وسلم. [ ص: 476 ]


                                                                                                                                                                                                                              إن الرسول شهاب ثم يتبعه     نور مضيء له فضل على الشهب

                                                                                                                                                                                                                              «الشهم » :

                                                                                                                                                                                                                              بفتح أوله وكسر ثانيه: السيد النافذ الحكم.

                                                                                                                                                                                                                              «الشهيد » :

                                                                                                                                                                                                                              العليم أو العدل المزكي. قال تعالى: ويكون الرسول عليكم شهيدا أي معدلا مزكيا.

                                                                                                                                                                                                                              روى البخاري من حديث عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف إلى المنبر فقال: «أنا فرطكم وأنا شهيد عليكم .

                                                                                                                                                                                                                              وهو من أسمائه تعالى ومعناه أنه الذي لا يغيب عنه شيء.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن الأثير : وهو فعيل من أبنية المبالغة في فاعل وإذا اعتبر العلم مطلقا فهو العليم فإذا أضيف إلى الأمور الباطنة فهو الخبير، أو إلى الظاهر فهو الشهيد. انتهى فكل شهيد وخبير عليم ولا عكس.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل هو الشاهد يوم القيامة بما علم.

                                                                                                                                                                                                                              روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدعى نوح يوم القيامة فيقال: هل بلغت فيقول: نعم فيدعى قومه فيقال: هل بلغكم فيقولون: ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد. فيقال لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته.

                                                                                                                                                                                                                              فذلك قوله تعالى: وكذلك جعلناكم أمة وسطا
                                                                                                                                                                                                                              الآية. والوسط العدل. ولهذا مزيد بيان يأتي إن شاء الله تعالى في الخصائص والله تعالى أعلم.

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية