[ومن الحوادث] هارون في زمان موسى عليهما السلام موت
روى عن أشياخه ، أن الله تعالى أوحى إلى السدي موسى: إني متوف هارون ، فأت به جبل كذا وكذا ، فانطلق موسى وهارون نحو الجبل ، فإذا [هما] فيه بشجرة لم ير شجر مثلها ، وإذا هما ببيت مبني ، وإذا هما فيه بسرير عليه فرش ، وإذا فيه ريح طيبة ، فلما نظر هارون إلى ذلك الجبل والبيت وما فيه أعجبه ، فقال: يا موسى إني لأحب أن أنام على هذا السرير ، فقال له موسى: فنم عليه ، قال إني أخاف أن يأتي رب هذا البيت فيغضب علي ، فقال له موسى: لا ترهب ، أنا أكفيك رب هذا البيت ، فنم ، فقال: يا موسى نم معي .
فناما ، فأخذ هارون الموت ، فلما قبض رفع ذلك البيت ، وذهبت تلك الشجرة ، ورفع [ ص: 373 ] السرير به إلى السماء ، فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل وليس معه هارون ، قالوا: إن موسى قتل هارون وحسده على حب بني إسرائيل له ، وكان هارون أكف عنهم وألين لهم من موسى ، وكان في بعض الغلظ عليهم .
فلما بلغه ذلك قال لهم: ويحكم! أترونني أقتل أخي؟! فلما أكثروا عليه قام فصلى ركعتين ثم دعا الله فنزل بالسرير حتى نظروا إليه من السماء والأرض فصدقوه .
وقال عمرو بن ميمون: مات موسى وهارون في التيه ، مات هارون قبل موسى ، وكانا أخرجا في التيه إلى بعض الكهوف ، فمات فدفنه موسى وانصرف إلى بني إسرائيل ، فقالوا: ما فعل هارون؟ قال: مات ، قالوا: لكنك قتلته لحبنا إياه . فشكى موسى ما لقي من بني إسرائيل ، فأوحى الله إليه: أن انطلق بهم إلى موضع قبره ، فإني باعثه حتى يخبرهم أنه مات موتا .
فانطلق بهم إلى قبر هارون ، فنادى: يا هارون ، فخرج من قبره ينفض رأسه ، فقال: أنا قتلتك؟ قال: لا والله ، ولكني مت ، قال: فعد إلى مضجعك .
قال الحسن: مات هارون وهو ابن مائة وثماني عشرة سنة ، قبل موسى بثلاث سنين .
وفي التوراة: أن هارون مات وهو ابن عشرين ومائة سنة وكانت وفاته في التيه