الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب ذكر آدم عليه السلام

روى السدي عن أشياخه ، قال: بعث الله -عز وجل- جبرئيل إلى الأرض ليأتيه بطين منها ، قالت الأرض: إني أعوذ بالله منك أن تنقص مني أو تشينني ، فرجع ولم يأخذ ، وقال: رب إنها عاذت بك فأعذتها . فبعث ميكائيل فعاذت منه فأعاذها ، فبعث ملك الموت فعاذت منه ، فقال: وأنا أعوذ بالله أن أرجع ، ولم أنفذ أمره ، فأخذ من وجه الأرض وخلط ، فلم يأخذ من مكان واحد ، وأخذ من تربة حمراء وبيضاء وسوداء ، فلذلك خرج بنو آدم مختلفين . فصعد به ، فبل التراب حتى عاد طينا ، ثم ترك حتى تغير وأنتن ، وهو قوله: من حمإ مسنون ، قال: منتن .

وقد روى سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال: بعث رب العزة إبليس فأخذ من أديم الأرض ، ومن عذبها ومن ملحها ، فخلق آدم ، فمن ثم سمي آدم ، لأنه خلق من أديم الأرض ، ومن ثم قال إبليس: أأسجد لمن خلقت طينا ، أي هذه الطينة أنا جئت بها .

وقد رواه ابن جبير عن ابن مسعود .

فأخبرنا به محمد بن عبد الباقي البزاز ، أخبرنا أبو محمد الجوهري ، أخبرنا أبو عمر بن حيويه ، أخبرنا أحمد بن معروف ، أخبرنا الحارث بن أبي أسامة ، أخبرنا [ ص: 199 ] محمد بن سعد ، أخبرنا حسين بن الحسن الأشقر ، حدثنا يعقوب بن عبد الله القمي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن مسعود ، قال: إن الله بعث إبليس فأخذ من أديم الأرض من عذبها ومالحها ، فخلق منه آدم ، فكل شيء خلقه من عذبها فهو صائر إلى الجنة وإن كان ابن كافر ، وكل شيء خلقه من مالحها فهو صائر إلى النار وإن كان ابن نبي . قال: فمن ثم قال إبليس: أأسجد لمن خلقت طينا ، لأنه جاء بالطينة ، وسمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض .

أخبرنا عبد الأول ، أخبرنا الداودي ، أخبرنا ابن أعين السرخسي ، أخبرنا إبراهيم بن خريم ، حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا هوذة بن خليفة ، حدثنا عوف ، عن قسام بن زهير ، عن أبي موسى ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، قال: "إن الله -عز وجل- خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، جاء منهم الأبيض ، والأحمر ، والأسود ، وبين ذلك ، والخبيث ، والطيب ، والسهل ، والحزن وبين ذلك" .

أخبرنا ابن الحصين ، أخبرنا ابن المذهب ، أخبرنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، أخبرنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو ، حدثنا زهير بن محمد ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن عبد الرحمن بن محمد بن يزيد الأنصاري ، عن أبي لبابة البدري ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، قال: " سيد الأيام يوم الجمعة ، وأعظمها عنده ، وأعظم عند الله -عز وجل- من يوم الفطر ويوم الأضحى ، وفيه خمس خلال: خلق الله تبارك وتعالى فيه آدم ، وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض ، وفيه توفي آدم ، وفيه ساعة لا يسأل العبد فيها شيئا إلا أتاه الله إياه ما لم [ ص: 200 ] يسأل حراما ، وفيه تقوم الساعة ، ما من ملك مقرب في السماء والأرض ولا رياح ولا جبال ولا بحر إلا وهن يستغفرون من يوم الجمعة" .

قال أحمد: وحدثنا أبو عامر ، حدثنا زهير ، عن عبد الله بن محمد ، عن عمرو بن شرحبيل بن سعد بن عبادة ، عن أبيه ، عن جده سعد بن عبادة أن رجلا من الأنصار أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقال: أخبرنا عن يوم الجمعة ، ماذا فيه من الخير؟ قال: "فيه خمس خلال: فيه خلق آدم ، وفيه أهبط آدم ، وفيه توفي ، وفيه ساعة لا يسأل عبد فيها شيئا إلا أتاه الله ما لم يسأل مأثما أو قطيعة رحم ، وفيه تقوم الساعة ، وما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا جبال ولا حجر إلا وهو يشفق من يوم الجمعة" .

التالي السابق


الخدمات العلمية