( آزر ) اسم أعجمي علم ممنوع الصرف للعلمية والعجمة الشخصية . الصنم الوثن ، يقال إنه معرب ، شمر ، والصنم : خبث الرائحة ، والصنم : العبد القوي ، وصنم صور ، وصور بنو فلان نوقهم : عزروها . جن عليه الليل وأجن : أظلم ، هذا تفسير المعنى ، وهو بمعنى ستر ، متعديا ، قال الشاعر :
وماء وردت قبيل الكرى وقد جنه السدف الأدهم
والاختيار جن الليل وأجنه ، ومصدر جن جنون وجنان ، وجن الكوكب والكوكبة النجم ، وهو مشترك بين معان كثيرة ، ويقال كوكب توقد ، وقال الصاغاني : حق لفظ كوكب أن يذكر في تركيب " و ك ب " عند حذاق النحويين ، فإنها صدرت بكاف زائدة عندهم ، إلا أن الجوهري أوردها في تركيب " ك و ب " ، ولعله تبع فيه الليث ، فإنه ذكره في الرباعي ذاهبا إلى أن الواو أصلية . انتهى . وليت شعري ، من حذاق النحويين الذين تكون الكاف عندهم من حروف الزيادة فضلا عن زيادتها في أول كلمة ، فأما قولهم هندي وهندكي في معنى واحد وهو المنسوب إلى الهند ، قال الشاعر :
ومقرونة دهم وكمت كأنها طماطم يوفون الوفاز هنادك
فخرجه أصحابنا على أن الكاف ليست زائدة ; لأنه لم تثبت زيادتها في موضع من المواضع فيحمل هذا عليه ، وإنما هو من باب سبط وسبطر ، والذي أخرجه عليه أن من تكلم بهذا من العرب إن كان تكلم به فإنما سرى إليه من لغة الحبش لقرب العرب من الحبش ودخول كثير من لغة بعضهم في لغة [ ص: 163 ] بعض ، والحبشة إذا نسبت ألحقت آخر ما تنسب إليه كافا مكسورة مشوبة بعدها ياء ، يقولون في النسب إلى قندي : قندكي ، وإلى شواء : شوكي ، وإلى الفرس : الفرسكي ، وربما أبدلت تاء مكسورة ، قالوا في النسب إلى جبرى : جبرتي ، وقد تكلمت على كيفية نسبة الحبش في كتابنا المترجم عن هذه اللغة المسمى بجلاء الغبش عن لسان الحبش ، وكثيرا ما تتوافق اللغتان لغة العرب ولغة الحبش في ألفاظ ، وفي قواعد من التراكيب النحوية كحروف المضارعة وتاء التأنيث وهمزة التعدية .
أفل يأفل أفولا : غاب . وقيل : ذهب ، وهذا اختلاف في عبارة . وقال : ذو الرمة
مصابيح ليست باللواتي يقودها نجوم ولا بالآفلات الدوالك
القمر معروف يسمى بذلك لبياضه ، والأقمر الأبيض ، وليلة قمراء مضيئة ، قاله ابن قتيبة .
البزوغ : أول الطلوع ، بزغ يبزغ . اقتدى به : اتبعه وجعله قدوة له أي متبعا . الغمرة : الشدة المذهلة ، وأصلها في غمرة الماء وهي ما يغطي الشيء . قال الشاعر :
ولا ينجي من الغمرات إلا براكاء القتال أو الفرار
ويجمع على فعل كنوبة ونوب ، قال الشاعر :
وحان لتالك الغمر انحسار
فرادى : الألف فيه للتأنيث ، ومعناها فردا فردا ، ويقال فيه : ( فراد ) منونا على وزن فعال وهي لغة تميم ، وفراد غير مصروف كآحاد وثلاث ، وحكاه أبو معاذ . قال أبو البقاء : من صرفه جعله جمعا مثل تؤام ورخال ، وهو جمع قليل ، قيل : وفرادى جمع فرد بفتح الراء . وقيل : بسكونها ، قال الشاعر :
يرى النعرات الخضر تحت لبانه فرادى ومثنى أصعقتها صواهله
وقيل : جمع فريد كرديف وردافى ، ويقال : رجل أفرد وامرأة فردى : إذا لم يكن لها أخ ، وفرد الرجل يفرد فرودا : إذا انفرد ، فهو فارد . خوله : أعطاه وملكه ، وأصله تمليك الخول كما تقول مولته : ملكته المال . البين : الفراق . قيل : وينطلق على الوصل فيكون مشتركا . قال الشاعر :
فوالله لولا البين لم يكن الهوى ولولا الهوى ما حن للبين آلفه
( وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين ) . لما ذكر قوله تعالى : ( قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ) ناسب ذكر هذه الآية هنا ، وكان التذكار بقصة إبراهيم - عليه السلام - مع أبيه وقومه أنسب لرجوع العرب إليه ، إذ هو جدهم الأعلى ، فذكروا بأن إنكار هذا النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - عليكم عبادة الأصنام هو مثل إنكار جدكم إبراهيم على أبيه وقومه عبادتها ، وفي ذلك التنبيه على اقتفاء من سلف من صالحي الآباء والأجداد ، وهم وسائر الطوائف معظمون لإبراهيم - عليه السلام - والظاهر أن آزر اسم أبيه ، قاله ابن عباس والحسن والسدي وابن إسحاق وغيرهم ، وفي كتب التواريخ أن اسمه بالسريانية تارخ ، والأقرب أن وزنه فاعل مثل تارخ وعابر ولازب وشالح وفالغ ، وعلى هذا يكون له اسمان كيعقوب وإسرائيل ، وهو عطف بيان أو بدل ، وقال مجاهد : هو اسم صنم ، فيكون أطلق على أبي إبراهيم لملازمته عبادته ، كما أطلق على عبيد الله بن قيس الرقيات لحبه نساء اسم كل واحدة منهن رقية . فقيل : ، وكما قال بعض المحدثين : ابن قيس الرقيات
أدعى بأسماء تترى في قبائلها كأن أسماء أضحت بعض أسمائي
ويكون إذ ذاك عطف بيان ، أو يكون على حذف مضاف ، أي : عابد آزر ، حذف المضاف وأقيم المضاف [ ص: 164 ] إليه مقامه ، أو يكون منصوبا بفعل مضمر أي تتخذ آزر ، وقيل : إن آزر عم إبراهيم وليس اسم أبيه ، وهو قول الشيعة ، يزعمون أن آباء الأنبياء لا يكونون كفارا ، وظواهر القرآن ترد عليهم ، ولا سيما محاورة إبراهيم مع أبيه في غير ما آية ، وقال مقاتل : هو لقب لأبي إبراهيم وليس اسما له ، وامتنع آزر من الصرف للعلمية والعجمة ، وقيل : هو صفة ، قال الفراء : بمعنى المعوج . وقال : بمعنى المخطئ ، وقال الزجاج الضحاك : الشيخ الهم بالفارسية ، وإذا كان صفة أشكل منع صرفه ووصف المعرفة به وهو نكرة ، ووجهه بأن تزاد فيه ( ال ) وينصب على الذم كأنه قيل : أذم المخطئ ، وقيل : انتصب على الحال ، وهو في حال عوج أو خطأ ، وقرأ الجمهور : الزجاج آزر بفتح الراء ، وأبي وابن عباس والحسن ومجاهد وغيرهم بضم الراء على النداء وكونه علما ، ولا يصح أن يكون صفة لحذف حرف النداء ، وهو لا يحذف من الصفة إلا شذوذا ، وفي مصحف أبي : ( يا آزر ) ، بحرف النداء ، اتخذت أصناما بالفعل الماضي ، فيحتمل العلمية والصفة ، وقرأ أيضا : ( أزرا ) تتخذ بهمزة استفهام وفتح الهمزة بعدها وسكون الزاي ونصب الراء منونة ، وحذف همزة الاستفهام من أتتخذ ، قال ابن عباس ابن عطية : المعنى أعضدا وقوة ومظاهرة على الله تتخذ ، وهو من قوله : ( اشدد به أزري ) . وقال : هو اسم صنم ، ومعناه أتعبد الزمخشري أزرا على الإنكار ، ثم قال : أتتخذ أصناما آلهة ، تبيينا لذلك وتقريرا ، وهو داخل في حكم الإنكار لأنه كالبيان له ، وقرأ أيضا ابن عباس وأبو إسماعيل الشامي : أإزرا بكسر الهمزة بعد همزة الاستفهام ، تتخذ . قال ابن عطية : ومعناها أنها مبدلة من واو كوسادة وإسادة ، كأنه قال : أوزرا أو مأثما تتخذ أصناما ، ونصبه على هذا بفعل مضمر . وقال : هو اسم صنم ، ووجهه على ما وجه عليه أأزرا بفتح الهمزة . وقرأ الزمخشري : إزرا تتخذ بكسر الهمزة وسكون الزاي ونصب الراء وتنوينها وبغير همزة استفهام في تتخذ ، والهمزة في أتتخذ للإنكار ، وفيه دليل على الإنكار على من أمر الإنسان بإكرامه إذا لم يكن على طريقة مستقيمة ، وعلى البداءة بمن يقرب من الإنسان ، كما قال : ( الأعمش وأنذر عشيرتك الأقربين ) ، وفي ذكره أصناما آلهة بالجمع تقبيح عظيم لفعلهم واتخاذهم جمعا آلهة ، وذكروا أن إبراهيم كان نجارا منجما مهندسا ، وكان نمرود يتعلق بالهندسة والنجوم فحظي عنده بذلك ، وكان من قرية تسمى كوثا من سواد الكوفة ، قاله مجاهد ، قيل : وبها ولد إبراهيم ، وقيل : كان آزر من أهل حران وهو تارخ بن ناجور بن ساروع بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح ، و ( أراك ) يحتمل أن تكون بصرية وأن تكون علمية ، والظاهر أن ( تتخذ ) يتعدى إلى مفعولين ، وجوزوا أن يكون بمعنى أتعمل وتصنع لأنه كان ينحتها ويعملها ، ولما أنكر على أبيه أخبر أنه وقومه في ضلال ، وجعلهم مظروفين للضلال أبلغ من وصفهم بالضلال كأن الضلال صار ظرفا لهم ، و ( مبين ) واضح ظاهر من أبان ، اللازمة ، قال ابن عطية : ليس بالفعل المتعدي المنقول من بان يبين . انتهى . ولا يمتنع ذلك ، يوضح كفركم بموجدكم من حيث اتخذتم دونه آلهة ، وهذا الإنكار من إبراهيم على أبيه ، والإخبار أنه وقومه في ضلال مبين أدل دليل على هداية إبراهيم وعصمته من سبق ما يوهم ظاهر قوله : هذا ربي من نسبة ذلك إليه على أنه أخبر عن نفسه ، وإنما ذلك على سبيل التنزل مع الخصم وتقرير ما يبني عليه من استحالة أن يكون متصفا بصفات الحدوث من الجسمانية وقبوله التغيرات من البزوغ والأفول ونحوها .