موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ومن قوم لما أمر بالإيمان بالله ورسوله وأمر باتباعه ذكر أن من قوم موسى من وفق للهداية وعدل ولم يجر ، ولم تكن له هداية إلا باتباع شريعة موسى قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وباتباع شريعة رسول الله بعد مبعثه ، فهذا إخبار عن من كان من قوم موسى بهذه الأوصاف ، فكان المعنى أنهم كلهم لم يكونوا ضلالا بل كان منهم مهتدون ، قال السائب : هم قوم من أهل الكتاب آمنوا بنبينا صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه ، وقال قوم : هم أمة من كعبد الله بن سلام بني إسرائيل تمسكوا بشرع موسى قبل نسخه ولم يبدلوا ولم يقتلوا الأنبياء ، وقال : هم المؤمنون التائبون من الزمخشري بني إسرائيل لما ذكر الذين نزلوا منهم ذكر أمة مؤمنين تائبين يهدون الناس بكلمة الحق ، ويدلونهم على الاستقامة ويرشدونهم وبالحق يعدلون بينهم في الحكم ولا يجورون ، أو أراد الذين وصفهم ممن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به من أعقابهم ، انتهى ، وقال ابن عطية : يحتمل أن يريد به الجماعة التي آمنت بمحمد صلى الله عليه وسلم على جهة الاستجلاب لإيمان جميعهم ، ويحتمل أن يريد به وصف المؤمنين التائبين منبني إسرائيل ومن اهتدى واتقى وعدل ، انتهى ، وما روي عن ابن عباس والسدي : أنهم قوم اغتربوا من وابن جريج بني إسرائيل ودخلوا سربا مشوا فيه سنة ونصفا تحت الأرض ، حتى خرجوا وراء الصين ، فهم هناك يقيمون الشرع ، في حكايات طويلة ذكرها وصاحب التحرير والتحبير يوقف عليها هناك لعله لا يصح ، وفي قوله : ( الزمخشري ومن قوم موسى ) إشارة إلى التقليل وأن معظمهم لا يهدي بالحق ولا يعدل به وهم إلى الآن ، كذلك دخل في الإسلام من النصارى عالم لا يعلم عددهم إلا الله تعالى ، وأما اليهود فقليل من آمن منهم .