لم يحرموا حسن الفداء وأمهم طفحت عليك بناتق مذكار
وفي الحديث " عليكم بزواج الأبكار فإنهن أنتق أرحاما وأطيب أفواها وأرضى باليسير . الانسلاخ [ ص: 419 ] التعري من الشيء حتى لا يعلق به منه شيء ، ومنه انسلخت الحية من جلدها .
الكلب حيوان معروف ويجمع في القلة على أكلب ، وفي الكثرة على كلاب ، وشذوا في هذا الجمع فجمعوه بالألف والتاء ، فقالوا : كلابات ، وتقدمت هذه المادة في : مكلبين وكررناها لزيادة فائدة ، لهث الكلب يلهث بفتح الهاءين ماضيا ومضارعا ، والمصدر لهثا ولهثا بالضم : أخرج لسانه وهي حالة له في التعب والراحة والعطش والري بخلاف غيره من الحيوان فإنه لا يلهث إلا من إعياء وعطش ، لحد وألحد لغتان ، قيل : بمعنى واحد هو العدول عن الحق والإدخال فيه ما ليس منه ، قاله ، وقال غيره : العدول عن الاستقامة ، والرباعي أشهر في الاستعمال من الثلاثي ، وقال الشاعر : ابن السكيت
ليس الأمير بالشحيح الملحد
ومنه لحد القبر ، وهو الميل إلى أحد شقيه ، ومن كلامهم ما فعل الواحد قالوا : لحده اللاحد ; وقيل : ألحد بمعنى مال وانحرف ، ولحد بمعنى ركن وانضوى ، قاله ، متن متانة : اشتد وقوي ، أيان : ظرف زمان مبني لا يتصرف ، وأكثر استعماله في الاستفهام ، ويليه الاسم مرفوعا بالابتداء ، والفعل المضارع لا الماضي بخلاف متى فإنهما يليانه ، قال تعالى : أيان يبعثون و : أيان مرساها قال الشاعر : الكسائيأيان تقضي حاجتي أيانا أما ترى لفعلها إبانا
وتستعمل في الجزاء فتجزم المضارعين ، وذلك قليل فيها ، ولم يحفظ لكن حفظه غيره ، وأنشدوا قول الشاعر : سيبويه
إذا النعجة العجفاء باتت بقفرة فأيان ما تعدل بها الريح تنزل
أيان نؤمنك تأمن غيرنا وإذا لم تدرك الأمن منا لم تزل حذرا
فلما التقينا بين السيف بيننا لسائلة عنا حفي سؤالها
وقال آخر :
سؤال حفي عن أخيه كأنه بذكرته وسنان أو متواسن
وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم ، أي : جذبنا الجبل بشدة ، وفوقهم حال مقدرة والعامل فيها محذوف ، تقديره : كائنا فوقهم ; إذ كانت حالة النتق لم تقارن الفوقية ، لكنه صار فوقهم ، وقال الحوفي وأبو البقاء : فوقهم ظرف لنتقنا ، ولا يمكن ذلك إلا إن ضمن نتقنا معنى فعل يمكن أن يعمل في فوقهم ، أي : رفعنا بالنتق الجبل فوقهم فيكون كقوله : ورفعنا فوقهم الطور والجملة من قوله : كأنه ظلة في موضع الحال ، والمعنى : كأنه عليهم ظلة ، والظلة ما أظل من [ ص: 420 ] سقيفة أو سحاب ، وينبغي أن يحمل التشبيه على أنه بظلة مخصوصة ; لأنه إذا كان كل ما أظل يسمى ظلة فالجبل فوقهم صار ظلة ، وإذا صار ظلة فكيف يشبه بظلة ؟ فالمعنى - والله أعلم - ، كأنه حالة ارتفاعه عليهم ظلة من الغمام ، وهي الظلة التي ليست تحتها عمد ، بل إمساكها بالقدرة الإلهية ، وإن كانت أجراما بخلاف الظلة الأرضية ، فإنها لا تكون إلا على عمد ، فلما دانت هذه الظلمة الأرضية فوقهم بلا عمد شبهت بظلة الغمام التي ليست بلا عمد ; وقيل : اعتاد البشر هذه الأجرام الأرضية ظللا ; إذ كانت على عمد ، فلما كان الجبل مرتفعا على غير عمد قيل : كأنه ظلة ، أي : كأنه على عمد ، وقرئ طلة بالطاء من أطل عليه ; إذا أشرف وظنوا هنا باقية على بابها من ترجيح أحد الجائزين ، وقال المفسرون : معناه أيقنوا ، وقال : علموا ، وليس كذلك ، بل هو غلبة ظن مع بقاء الرجاء ، إلا إن قيد ذلك بقيد أن لا يعقلوا التوراة ، فإنه يكون بمعنى الإتقان ، وتقدم ذكر سبب رفع الجبل فوقهم في تفسير قوله : ورفعنا فوقكم الطور في البقرة فأغنى عن إعادته ، وقد كرره المفسرون هنا الزمخشري الزمخشري وابن عطية وغيرهما ، وذكر الزمخشري هنا عند ذكر السبب أنه لما نشر موسى - عليه السلام - الألواح وفيها كتاب الله تعالى لم يبق شجر ، ولا جبل ولا حجر إلا اهتز ، فلذلك لا ترى يهوديا يقرأ التوراة إلا اهتز وأنغض لها رأسه ، انتهى ، وقد سرت هذه النزعة إلى أولاد المسلمين فيما رأيت بديار مصر تراهم في المكتب إذا قرأوا القرآن يهتزون ويحركون رءوسهم ، وأما في بلادنا بالأندلس والغرب فلو تحرك صغير عند قراءة القرآن أدبه مؤدب المكتب ، وقال له : لا تتحرك فتشبه اليهود في الدراسة .