مسألة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : " ولو فالقول [ ص: 44 ] قول المقر مع يمينه ؛ لأن من أودع شيئا فجائز أن يقول لفلان عندي ولفلان علي ؛ لأنه عليه ما لم يهلك ، وقد يودع فيتعدى فيكون عليه دينا فلا ألزمه إلا باليقين " . قال رجل لفلان علي ألف فأتاه بألف فقال هي هذه التي أقررت لك بها كانت لك عندي وديعة فقال بل هذه وديعة وتلك أخرى
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا ابتدأ المقر فقال : لفلان علي ألف ثم أتاه بها وقال : هذه الألف التي كنت أقررت بها كانت لك عندي وديعة فأنكره المقر له وقال : هذه لعمري وديعتي في يدك وتلك ألف أخرى دين لي في ذمتك ، فالقول قول المقر مع يمينه ، وليس عليه غيرها .
وقال أبو حنيفة : القول قول المقر له ؛ لأن قوله : علي مستعمل في الديون دون الودائع فصار ظاهر الإقرار يوجب تصديق المقر له . وهذا خطأ من وجهين :
أحدهما : أن حروف الصفات تقوم بعضها مقام بعض فجاز أن يقول علي بمعنى عندي .
والثاني : أن ما احتمله الإقرار فهو مقبول من المقر ، وما قاله المقر هاهنا محتمل من وجهين ذكرهما الشافعي .
أحدهما : أن قوله : علي يعني ردها .
والثاني : علي ؛ لأنني تعديت فيها فضمنتها .
ولكن لو لم يقبل ذلك منه ؛ لأن ما تلف لا يكون عنده فيحتمل علي أنه المراد بقوله علي . ولا يمكن ردها فيحمل على معنى الرد ، ولا تصير مضمونة بغير التعدي فلم يكن لسقوط ضمانها وجه فلزمه الغرم . قال : له علي ألف درهم ، ثم قال : أردت بها وديعة قد تلفت