مسألة : قال المزني رحمه الله : والمسلم والذمي في الشفعة سواء " .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لا خلاف بين الفقهاء أن واختلفوا في وجوبها للذمي على المسلم . الشفعة تجب للمسلم على الذمي كوجوبها له على المسلم ، وتجب للذمي على الذمي كوجوبها للمسلم على المسلم
فمذهب الشافعي وأبو حنيفة ومالك وجمهور الفقهاء إلى وجوب الشفعة للذمي على المسلم كوجوبها للمسلم على المسلم ، وحكي عن الحسن البصري ، وعامر الشعبي ، وعثمان البتي ، والحارث العكلي أنهم قالوا : لا شفعة للذمي على المسلم وبه قال أحمد بن حنبل استدلالا بقوله تعالى : ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا [ النساء : 141 ] ، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لا شفعة للذمي على المسلم ولأنه لما امتنعت دار الإسلام من إحياء الذمي للموات فأولى أن يمنع الإسلام من شفعة الذمي في الأملاك .
ودليلنا عموم قوله صلى الله عليه وسلم : الشفعة فيما لم يقسم ولأن ما جاز أن يملك به المسلم من [ ص: 303 ] المعاوضات جاز أن يملك به الذمي كالبياعات ، ولأن ، ولأن الحقوق الموضوعة لدفع الضرر في العقود يستوي فيها المسلم ، والذمي كالرد بالعيب ، ولأن ما تعلق بالشرك من إزالة الملك استوى فيه المسلم ، والذمي قياسا على عتق الذمي شركا له في عبد . من ملك بالبيع ملك بالشفعة كالمسلم
فأما الجواب عن قوله : ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا [ النساء : 141 ] ، فهو أن هذا السبيل على مال المسلم لا على المسلم ، وأما الجواب عن روايتهم في أنه لا شفعة لذمي على مسلم مع وهائه فهو أنه يحمل عليه إذا قال بعد إمساكه عن الطلب لم أعلم بها لكم شرعا ، وليست في ديننا شرعا فلا شفعة له ، ويحتمل أن لا يشفع في الأمان ، وأما قياسهم على إحياء الموات فالمعنى فيه أنه تفويت منفعة على المسلمين بغير بدل فمنع ، والشفعة مأخوذة ببدل ممكن . والله أعلم .