مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " سواء كان إلى جنب قرية عامرة ، أو حيث كان ، وقد فقال حي من أقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - الدور بني زهرة يقال لهم بنو عبد بن زهرة : نكب عنا ابن أم عبد فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فلم ابتعثني الله إذن ، إن الله عز وجل لا يقدس أمة لا يؤخذ [ ص: 480 ]
فيهم للضعيف حقه وفي ذلك دلالة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع بالمدينة بين ظهراني عمارة الأنصار من المنازل والنخل ، وإن ذلك لأهل العامر ودلالة على أن ما قارب العامر يكون منه موات " .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، هذه المسألة تشتمل على فصلين :
أحدهما : في حد الموات إذا اتصل بعامر .
والثاني : هل يستوي فيه جميع الناس ، أو يختص به أهل العامر ، فأما الفصل الأول في حد الموت فقد اختلف الفقهاء فيه فمذهب الشافعي : أن الموات كله ما لم يكن عامرا ، ولا حريما لعامر سواء قرب من العامر أو بعد ، وقال أبو حنيفة : الموات هو كل أرض لا يبلغها الماء وتبعد من العامر وليس عليها ملك لأحد ، وقال أبو يوسف : أرض الموات كل أرض إذا وقف على أدناها من العامر ينادي بأعلى صوته لم يسمعه أقرب الناس إليها في العامر ، استدلالا بما رواه عن أبي بكر بن محمد ، عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : . من أحيا أرضا دعوة من المصر ، - أو قال فيه - من المصر فهي له
ودليلنا : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اقتطع بين ظهراني عمارة الأنصار ، ولأن البلاد المحياة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم على عهد خلفائه متصلة العمارة متلاصقة الجذور ، ولو كان على ما قالوه لوجب أن يفصل بين كل عمارتين بما ذكروه من التحديد ، وما استدل به من حديث جابر فهو دليل عليه : لأن فحواه أن ما قرب من المصر جاز إحياؤه .