الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ومن إخراج من أخرج منها بصفة ورده إليها بصفة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح وهو على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يخرج من أخرج منها ويدخل من أدخله فيها بصفة فيشترطها ، وإذا وجدت دخلت فيها بوجود الصفة ، وإذا عدمت خرج منها بعدم الصفة ، فهذا جائز وهو على شرطه فيه [ ص: 531 ] محمول كقوله : وقفتها على أغنياء بني تميم ، فمن استغنى من الفقراء أدخل فيه بعد أن كان خارجا منه ، ومن افتقر من الأغنياء خرج منها بعد أن كان داخلا فيها .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يخرج من أخرج منها باختياره ويدخل من أدخل فيها باختياره ؛ كأنه قال : قد وقفت داري هذه على من شئت على أن أدخل في الوقف من أشاء ، وأخرج منه من أشاء ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : جائز كما لو أدخله بصفة وأخرجه بصفة .

                                                                                                                                            والثاني : هو أصح : لأنه لا يجوز ويكون الوقف باطلا : لأنه لا يكون على موصوف ولا معين ، فإذا قيل : لا يجوز ، كان الوقف باطلا إلا أن يجعل آخره على الفقراء ، فيكون على القولين ، وإذا قيل بجوازه صح إن كان قد سمى فيه عند عقد الوقف قوما ، ثم له يدخل من شاء ويخرج من شاء ، وإذا فعل ذلك مرة واحدة فهل له الزيادة عليها أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : ليس له : لأنه قد فعل ما شاء ، وله شرطه ، وقد استقر .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : له أن يفعل ذلك مرارا ما عاش وبقي لعموم الشرط ، فإذا مات فقد تعين على من فيه عند موته من أدخل فيه فقد استقر دخوله فلا يجوز أن يخرج منه ، ومن أخرج منه فقد استقر خروجه ولا يجوز أن يدخل فيه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية