[ ص: 34 ] باب التحفظ في الشهادة والعلم بها  
قال  الشافعي      : قال الله جل ثناؤه :  ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا   وقال :  إلا من شهد بالحق وهم يعلمون   قال : فالعلم من ثلاثة أوجه ، منها ما عاينه ، فيشهد به ، ومنها ما تظاهرت به الأخبار ، وثبتت معرفته في القلوب ، فيشهد عليه ، ومنها ما أثبته سمعا مع إثبات بصر من المشهود عليه . "  
قال  الماوردي      : وأصل هذا أن الشهادة لا تصح لغلبة الظن حتى يتحقق العلم بها في حالة التحمل وحالة الأداء .  
وقال الله تعالى :  ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا      [ الإسراء : 36 ] ، فكان دليله أن يشهد بما علمه بسمعه ، وبصره ، وفؤاده ، فالسمع للأصوات ، والبصر للمرئيات ، والفؤاد للمعلومات ، فجمع في العلم به بين جميع أسبابه ، ليخرج من غلبة الظن إلى حقيقة العلم ، وقال تعالى :  إلا من شهد بالحق وهم يعلمون      [ الزخرف : 86 ] ، فشرط في الشهادة أن يكون بحق معلوم ، فدل على أنها لا تجوز بحق غير معلوم ، ولا أن يكون بمعلوم ليس بحق ، وقال تعالى :  وما شهدنا إلا بما علمنا      [ يوسف : 181 ] . فأخبر أن  الشهادة تكون بالعلم   ، فامتنع أن يشهد بغير علم ،  وقال تعالى :  ستكتب شهادتهم ويسألون       [ الزخرف : 43 ] ، وهذا وعيد يوجب التحفظ في العاجل ، والجزاء في الآجل .  
وروى  عطاء   وطاوس   ، عن  ابن عباس   ، قال :  سئل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عن الشهادة فقال : هل ترى الشمس ؟ قال : نعم قال : فعلى مثلها فاشهد أو دع  ولأن الشهادة مشتقة من المشاهدة التي هي أقوى الحواس دركا ، وأثبتها علما ، فلم يجز أن يشهد إلا بأقوى أسباب العلم في التحمل والأداء .  
				
						
						
