الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إذا سأل المشهود عليه ، إحلاف المشهود له ، أنه ما قبض الدين أو لم يبعه العين ، أجيب إلى إحلافه لأنها دعوى مستأنفة أنه ابتاع العين ، وقضاه الدين ، وليس فيها تكذيب للشهود ، فجاز إحلافه عليها .

                                                                                                                                            [ ص: 309 ] وهكذا لو شهد الشهود بدين على غائب ، أو ميت ، جاز إحلاف المشهود له ، أنه ما برئ إليه من الدين ولا من شيء فيه ، لأن الغائب والميت لو كانا حاضرين لجاز أن يدعيا قضاء الدين ، أو الإبراء منه ، فلزم لأجل الاحتياط أن يحلف المشهود له على مثل ما لو ادعاه الحاضر أحلف له ، فإن قضى الدين من مال ناجز أحلف عند الشروع في قضائه ، ثم قضى بعد يمينه .

                                                                                                                                            وإن كان نقضا من بيع عقار ، أحلف قبل بيعه ثم بيع وقضي من ثمنه ، ولم يجز أن يباع قبل يمينه ، لأنه قد يجوز أن ينكل عن اليمين ، فيفوت استدراك المبيع ، فأما إحلاف الشهود على صدقهم فيما شهدوا به ، فلا يجوز وهو قول جميع أهل العلم ، وحكي عن الهادي العلوي أنه باليمين كأن يحلف الشهود إذا ارتاب بهم ، ثم يحكم بشهادتهم ، وهذا قول خرق به الإجماع ، وخالف به الأمة ، لقول الله تعالى واستشهدوا شهيدين من رجالكم [ البقرة : 282 ] . فأمر بالحكم بها ، ولم يوجب اليمين معها .

                                                                                                                                            ولأنهم إذا كانوا صادقين ، وجب الحكم بشهادتهم ، من غير يمين ، وإن كانوا كاذبين لم يجز الحكم بها مع اليمين .

                                                                                                                                            ولأنه لو جاز إحلاف الشهود مع الارتياب لجاز إحلاف الحكام ، ثم إحلاف الأئمة ، ثم إحلاف الأنبياء أن ما أدوه عن الله تعالى حق ، وما أفضى إلى هذا كان مطرحا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية