فصل : وأما عنده فهو كل ذي ولاية ، يصح منه استيفاء الحقوق لأهلها ، من الأئمة ، والأمراء ، والحكام ، وسواء كانوا من أهل العدل ، أو من أهل البغي ، فإن دعي أن يشهد عند جائر ، فإن كان جوره في الحق المشهود به لم تلزمه الإجابة وإن كان في غيره لزمته ، وإن دعي أن يشهد عند متوسط بين الخصمين ، فإن لم يلتزم الخصمان حكم الوسط لم تلزمه الشهادة عنده ، وإن التزما حكمه ففي وجوب [ ص: 57 ] الشهادة عنده وجهان مخرجان من اختلاف قولي من تلزمه الشهادة الشافعي في المحكم من غير الحكام ، هل يلزم المتراضيين به حكمه أم لا ؟
فإن قيل : بلزوم حكمه لزم الشاهد أن يشهد عنده .
فإن قيل : لا يلزمهما حكمه لم يلزم الشهادة عنده ، وإن دعي أن يشهد عند حاكم لا يعلم هل يقبل شهادته أو لا يقبلها ؟ لزمته الشهادة عنده ، لجواز أن يقبلها .
فإن شهد عنده فتوقف عن قبولها لاستبراء حاله ، لزمه أن يشهد عند غيره من الحكام إذا دعي إليه ، ولو توقف عن قبولها لها كحكمه برد شهادته لجرحه لم يلزمه أن يشهد بها عند غيره إذا دعي إليها ، لأنه لا يجوز لغيره الحكم بشهادة قد ردت بحكم .