الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الجنايات فضربان : عمد وخطأ .

                                                                                                                                            فأما الخطأ فيثبت بشاهد ويمين ، لأنها مقصورة على استحقاق المال . وأما العمد فضربان :

                                                                                                                                            [ ص: 78 ] أحدهما : ما لم يجب فيه قصاص ، كجناية الوالد على الولد ، والمسلم على الكافر والحر على العبد ، فيثبت بالشاهد واليمين ، لأنه لا يستحق بها إلا المال ، فصارت كالخطأ .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : ما وجب فيه القصاص ، فلا يثبت إلا بشاهدين ، لأنه استهلاك نفس .

                                                                                                                                            فإن قيل : فهلا أوجبتم بالشاهد واليمين فيه الدية دون القصاص ، كما أوجبتم في السرقة بالشاهد واليمين الغرم ، دون القطع ؟ قيل : لأن القطع في السرقة تابع للمال ، لا يثبت إلا مع استحقاقه ، فصار المال فيها أصلا ، والقطع فرعا .

                                                                                                                                            والدية في العمد تابعة للقصاص ، يكون القصاص فيها أصلا ، والدية فرعا ، فجاز أن يستحق بالشاهد واليمين الغرم في السرقة ، وإن لم يستحق بالشاهد واليمين الدية في الجناية .

                                                                                                                                            فأما جراح العمد ، فما سقط فيه القصاص كالجائفة ، وما دون الموضحة فيستحق بالشاهد واليمين ، وما وجب فيه القصاص كالموضحة والأطراف لم يستحق إلا بشاهدين وما جمع بين الأمرين كالهاشمة ، والمنقلة لم يثبت إلا بشاهدين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية