[ القول في صحة تحمل شاهد الفرع وأدائه ] .
فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من شاهد الأصل في صحة تحمله الشهادة ، انتقل الكلام إلى شاهد الفرع في صحة تحمله وصحة أدائه .
فأما تحمله فمعتبر في شاهد الأصل وله في عنه ثلاثة أحوال : تحمل شاهد الفرع
أحدهما : أن يذكر شاهد الأصل السبب الموجب للحق بلفظ الشهادة ،
أشهد أن لفلان على فلان ألفا من ثمن أو غصب أو صداق ، فإذا سمعه شاهد الفرع صح تحمله للشهادة عنه ، وإن لم يسترعه إياها ، وفيه لبعض أصحابنا البصريين وجه آخر فيقول :
[ ص: 224 ] أنه لا يصح تحمله إلا بالاسترعاء لما فيه من الاحتمال بالوعد ، وليس بصحيح ، لأن ذكر السبب تعيين من الاحتمال .
والحال الثانية : أن يشهد شاهد الأصل بالشهادة عند الحاكم ، فإن سمعه شاهد الفرع صح تحمله لها ، وإن لم يسترعه إياها ، لأن الحاكم ملزم ، فلم تكن الشهادة عنده إلا بما لزم .
والحال الثالثة : أن ، فإذا سمعه شاهد الفرع لم يصح تحمله إلا بالاسترعاء وجها واحدا ، وإن كان في المقر على وجهين : يقول شاهد الأصل : أشهد أن لفلان على فلان ألفا
والفرق بين المقر والشاهد من وجهين :
أحدهما : أن الحق في الشاهد لازم لغير الشاهد ، فوجب أن يغلظ حكمه بالاسترعاء ليتحقق صحة الإلزام بنفس الاحتمال .
والحق في الإقرار لازم للمقر لا يتعداه فيتحقق حكمه في صحة الإلزام ، لأنه لو كان فيه احتمال لما استظهر به لنفسه .
والثاني : أن الإقرار خبر وشروط الشهادة أغلظ من شروط الخبر لصحة إخبار من لا يصح شهادته من العبيد والنساء ، ولذلك اعتبر الاسترعاء في الشهادة وإن لم يعتبر في الإقرار ، ولذلك قبل رجوع الشاهد ولم يقبل رجوع المقر .
وإذا كان الاسترعاء معتبرا في الشهادة فالاسترعاء أن
" أشهد أن لفلان على فلان ألفا فاشهد على شهادتي وعن شهادتي " . يقول شاهد الأصل لشاهد الفرع :
فأما قوله : " فاشهد على شهادتي " استرعاء لا يصح التحمل إلا به .
فلو قال فاشهد أنت بها لم يكن استرعاء ، حتى يقول : " فاشهد على شهادتي " ، نص عليه الشافعي .
وأما قوله : " وعن شهادتي " فهو إذن له في النيابة عنه في الأداء .
واختلف أصحابنا ؟ على وجهين : هل هو شرط في صحة التحمل ومعتبر في جواز الأداء أم لا
أحدهما : أنه شرط معتبر في صحة التحمل والأداء ، لأن شاهد الفرع نائب عن شاهد الأصل في الأداء ، فاعتبر فيه الإذن بالنيابة كالوكيل والوصي ، وهذا قول البصريين .
[ ص: 225 ] والوجه الثاني : يصح التحمل والأداء مع تركه ، لأن الشهادة على شهادته ليست من حقوقه ، فلم يعتبر فيه إذنه ، وهذا قول البغداديين .