الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا تنازع رجلان في يد كل واحد منهما جارية ، فادعى كل واحد منهما الجارية ، التي في يد صاحبه ، أنها بنت الجارية التي في يده ، ولدت على ملكه ، ويقيم كل واحد منهما البينة على ما يدعيه وهذا يكون مع اشتباه الأسنان ، وأن كل واحدة منهما يحتمل أن تكون أما ، ويحتمل أن تكون بنتا فتصير الشهادتان متعارضتين في الولادة دون الملك ، لأنه يستحيل أن تكون كل واحدة منهما بنت الأخرى ، فصارتا في الولادة متعارضتين ، ولم يتعارضا في الملك ، لأن بينة زيد شهدت له بملك الجارية [ ص: 369 ] التي في يد عمرو وبينة عمرو شهدت له بملك الجارية التي في يد زيد فلم يكن فيها تعارض في الملك ، وإن تعارضتا في الولادة فيحكم لكل واحد منهما ببينته ، وتسلم الجارية التي في يد زيد إلى عمرو ، والجارية التي في يد عمرو إلى زيد ، ولا يكون تعارضهما في الولادة موجبا لتعارضهما في الملك ، وكان التعارض في الولادة أقوى ، ولا يحمل على رد البينة في الكل ، إذا ردت في البعض : لأن الولادة هاهنا لم تؤثر في الحكم ، فكان وجودها كعدمها ، ولو كانت المسألة بحالها ، فادعى كل واحد منهما على صاحبه ، فقال : أنا مالك للجارية التي في يدي ، والجارية التي في يدك ، وهي بنت الجارية التي هي في يدي ، وأقام على ذلك بينة صارت الشهادتان متعارضتين في الولادة والملك جميعا ، لأنه يستحيل أن تكون كل واحدة منهما بنت الأخرى ، فتعارضت في الولادة ، ويستحيل أن تكون الجاريتان معا ملكا لكل واحد منهما ، فتعارضت في الملك ، فتكون على الأقاويل الثلاثة في تعارض البينتين ، فإن زال الاشتباه في سن الجاريتين بان من يحق أن تكون بنت الأخرى لصغر سنها ، وكبر الأخرى ، تعين بها كذب إحدى البينتين في الولادة ، فردت شهادتهما في الملك ، وحكم بشهادة الأخرى في الولادة والملك ، وزال به حكم التعارض .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية