الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا كانت الدار في يد من يدعيها ملكا ، فنازعه فيها رجلان وأقام أحدهما البينة أنها ملكه منذ سنة وأقام الآخر البينة على هذا الأول أنه ابتاعها منه منذ خمس سنين ، فلا تمنع بينة الأول أنها له منذ سنة أن تكون له ملكا قبل ذلك بخمس سنين ، فلذلك سمعت بينة الثاني على الأول ، ووجب بها انتزاعها من صاحب اليد ، ثم ينظر في بينة المدعي الثاني أنه ابتاعها من المدعي الأول ، فإن شهدت بأنه باعها وكان مالكا لها ، حكم بها للثاني ملكا ، فإن شهدت أنه باعها وكانت في يده ، حكم بها للثاني ابتياعها ، فجرى عليه حكم الملك ؟ لأن الظاهر من اليد أنها لمالك ، فتسلم الدار في هاتين الحالتين إلى المدعي الثاني وترفع عنها يد المدعي الأول .

                                                                                                                                            [ ص: 375 ] ووافق أبو حنيفة عليهما ، وإن شهدت بينة الثاني أنه ابتاعها من الأول ، ولم يشهدوا أنها كانت ملكا للأول ولا في يده ، قال أبو حنيفة : لا تنتزع من الأول ، ولا تسلم إلى الثاني لأن البيع متردد ، بين أن يكون قد باع ما في ملكه ، أو ما في يده ، فيصح وبين أن يبيع ما ليس في ملكه ولا يده ، فيبطل .

                                                                                                                                            فلم يجز أن يحكم بصحة البيع ، ورفع يد الأول ، بمجوز متردد بين الصحة والفساد ، وعند الشافعي أن يد الأول ترفع وتسلم الدار إلى الثاني ابتياعا من الأول ، لأن البيع في حقه صحيح إن ملك ، ولا يقضي بها ملكه للثاني ، وإن قضى له بابتياعها من الأول ، فكان له فيها يد إن نوزع فيها ، ترجح بيد لا بدفع بينة المنازع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية